كوليرا أم كيماوي؟ شكوك تتصاعد حول حقيقة الوباء الغامض في السودان

كوليرا أم كيماوي؟ شكوك تتصاعد حول حقيقة الوباء الغامض في السودان
كوليرا أم كيماوي؟ شكوك تتصاعد حول حقيقة الوباء الغامض في السودان

الخرطوم 24 – تقارير خاصة

وسط فوضى الحرب الطاحنة التي تضرب السودان منذ أبريل 2023، تبرز أزمة صحية خطيرة تشغل الشارع الطبي والحقوقي: هل ما يفتك بالمدنيين هو وباء الكوليرا كما تزعم حكومة البرهان، أم أنّه تسرّب متعمّد أو استخدام مباشر لأسلحة كيماوية محظورة ضدّ السكان في مناطق النزاع؟

ففي حين تعلن وزارة الصحة السودانية أنّها تتعامل مع تفشٍ واسع للكوليرا، تؤكد تقارير وشهادات طبية ميدانية من ولايات سنار والجزيرة والخرطوم والنيل الأبيض أنّ الأعراض المسجلة لا تتطابق مع أعراض الكوليرا المعروفة، إذ يعاني المصابون من صداع حاد، تقلصات عضلية، طفح جلدي، ضيق تنفّس وآلام داخلية مبرّحة، وهي مؤشرات ترتبط عادةً بالتعرّض لمواد سامة أو غازات كيماوية.


تعتيم حكومي وتخويف للمسعفين

يشير أطباء متطوعون، طلبوا عدم كشف هوياتهم، إلى أنّ ما يشاهدونه في المستشفيات القليلة المتبقية لا يمكن تشخيصه ككوليرا، لافتين إلى سرعة تدهور المرضى وغياب الأعراض الهضمية التقليدية.
لكنّ التهديدات التي يوجهها عناصر الجيش السوداني وميليشيا “فيلق البراء” المتحالفة معه تمنع كثيرين من الإفصاح العلني أو توثيق الحالات، في وقت خرجت فيه أكثر من 70% من المستشفيات عن الخدمة وتوقفت خدمات المياه والكهرباء، مما سمح بانتشار الأزمة دون رقابة أو متابعة.

وفي المقابل، تواصل وزارة الصحة الخاضعة لحكومة البرهان نشر رواية الكوليرا لتبرير آلاف الإصابات أمام المجتمع الدولي، رغم أنّ الكوادر الطبية على الأرض تشكك في صحة البيانات الرسمية وتؤكد أنّ الأعداد الحقيقية أكبر بكثير.


مطالب بتحقيق دولي عاجل

وفقاً لاتفاقية جنيف واتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، فإنّ استخدام أي مواد سامة أو غازات محرّمة ضدّ المدنيين يرقى إلى جريمة حرب وجريمة ضدّ الإنسانية.
ويرى مراقبون أنّ صمت المجتمع الدولي رغم فرض عقوبات أميركية على حكومة البرهان يثير الريبة، خاصة في ظل غياب أي بعثة طبية أو بيئية دولية مستقلة لتقصّي الحقائق.

ويؤكد خبراء حقوقيون أنّ السودان أصبح بيئة مثالية للانتهاكات الجسيمة دون محاسبة أو توثيق، محذرين من أنّ التعتيم الممنهج على طبيعة هذا الوباء الغامض قد يكون غطاءً لجريمة كيماوية واسعة النطاق.


دعوات لإشراف دولي مستقل

يطالب حقوقيون وأطباء سودانيون بضرورة فتح تحقيق دولي فوري وشفاف، تشرف عليه منظمة حظر الأسلحة الكيماوية (OPCW) ومنظمة الصحة العالمية، إلى جانب منظمات حقوق الإنسان، للتأكد من:

  • ما إذا كان الجيش السوداني أو أي قوات متحالفة معه قد استخدم أسلحة كيماوية ضد المدنيين
  • توثيق جميع الحالات في مناطق النزاع والمناطق النائية المتضررة

ويختمون بأنّ إنكار الحقيقة والتستر على الجرائم لا يعني زوالها، مؤكدين أنّ إنقاذ أرواح المدنيين يتطلب كشف الحقيقة الكاملة، ومحاسبة كلّ من تجرّأ على استخدام الغازات السامة ضد الشعب السوداني.

شارك هذه المقالة