زيادة الرسوم الجمركية..متى  يعلنون وفاة (المواطن)..!!!


الخرطوم : هنادي النور-  هالة حافظ

طبقت الحكومة زيادةً جمركيةً جديدةً  بنسب تتراوح ما بين 100% إلى أكثر من 300% في أكثر من (103) سلع مستوردة على رأسها الوقود والأسمنت لتغطية عجز الإيرادات والإنفاق الحكومي الكبير ويلاحظ أن هذه الزيادات الجمركية  في سلع استهلاكية (اطعمة، ملابس، أحذية) ، أيضاً سلع متعلقة بالعملية التعليمية، وأجهزة مستخدمة في إنتاج المستحضرات   الصيدليانية، وقطاع المواصلات، ومواد البناء ، والملاحظ أن  القائمة تخلو منها السلع الكمالية مثل مواد التجميل ، والإكسسوارات، وإكسسوارات السيارات، والفواكه ، ومواد استهلاكية غير ضرورية مثل الجبس والشطة السائلة والشيكولاته والعصائر والمياه الصحية. وفي ذات الوقت شن عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن الاقتصادي هجوماً عنيفاً على تلك القرارات التي وصفوها غير مدروسة والهدف فقط إيجاد إيرادات لخزينة الدولة وعلى حساب المواطن ، وبالتالي تضيف رهقاً على رهقه للمواطن .

المواطن (التعبان)

(هؤلاء الدرب راح ليهم وفقدوا بوصلة الاقتصاد  )…. هكذا تحدث الأمين العام لإتحاد الغرفة الصناعية عبدالرحمن عباس متحسراً على القطاع الصناعي الذي أغلق أبواب مصانعه بسبب الزيادات المطردة  وقال لـ( الخرطوم24 ) أمس أن توقيت الزيادة  غير مناسب وأردف قائلاً : (المواطن تعبان ، والسوق يعاني من كساد وسوف تتسبب في أحجام المواطنين عن الشراء)، وأردف: استنفدنا كل الطرق والوسائل للإحتياجات ولاتوجد استجابة وإنتقد الحكومة بأنها لاتخطط صاح وأن المواطن في كف عفريت ، وقال عباس كل رجال الأعمال تأثروا جداً بعدم البيع الأمر الذي أدى إلى توقف المصانع وبعض منهم خفض الإنتاج. وأضاف المواطن لايستطيع الشراء بالأسعار  القديمة كيف يتم وضع زيادات جديدة هذا من شأنه يفاقم الأوضاع أكثر ،ولوح عباس قائلا ليس لنا خيار سوى التفكير غير جيد وهذا يؤدي إلى تعطيل العمل ، وتسريح العمالة وإعطائهم حقوقهم ، وأعاب على الدولة بالنظر لجيب المواطن .

إزالة تشوهات
ويدافع  الخبير الجمركي اللواء معاش خليل باشا عن الزيادات ويشير إلى  أن السلع التي تمثلها التعديلات أقل من 10% من جملة السلع المدرسة في جدول التعرفة الجمركية للسلع المتداولة في التجارة العالمية  ،مشيراً إلى أن التعديلات ليست كلها بزيادة بل هناك سلع تم تخفيضها  وكانت مفروضة وهي سلع علاجية وطبية تساهم في تقليل تكاليف العلاج للمرضى وبعض السلع تتمثل في مدخلات انتاج أو سلع وسيطة لتقليل تكاليف الإنتاج  أما السلع التي رفعت فئات جماركها فهي نوعان سلع لأغراض زيادة الإيرادات الجمركية مثل القمح المستورد والمواد البترولية والملابس الجاهزة والأحذية وغيار السيارات ومعلوم أنها سلع غير مرنة لايمكن الاستغناء عنها أما النوع الثاني سلع تم رفع جماركها لحماية المنتجات المحلية سواءً كانت زراعية أو صناعية مثل الذرة والبوهيات والسيراميك والبورسلين  وقال أن هنالك سلعاً تم تقليل فئاتها الجمركية لإزالة التشوهات  مشيراً إلى أن ضريبة الرسم الايضاحي يتم لهدفين حماية المنتجات الوطنية أو زيادة الإيرادات الجمركية من السلع الكمالية وعادةً لاتفرض على مدخلات الإنتاج والسلع الضرورية   وأضاف لاتتوقع أية إيرادات جمركية من هذه السلع لجهة أن بعضها لايتم استيرادها  أما الأثر المتوقع من هذه التعديلات قد يكون زيادة من السلع غير المعروفة ذات القاعدة الاستهلاكية العريضة لأن هناك عوامل وسياسات أخرى تتحكم في الإيرادات الجمركية غير فئات الرسوم والضرائب.

(جحيم) لا يطاق
وفيما يتعلق بالزيادة الجديدة لرسوم الواردات الجمركية  التي أعلنت عنها وزارة  المالية يرى الخبير  الاقتصادي وعضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوداني كمال كرار أن موازنة 2023م التي تأخرت كثيراً كان من الواضح بأنه ستكون هناك زيادات كبيرة في الضرائب والجمارك لجهة أن وزارة المالية أعلنت عن أن الميزانية ستعتمد فقط على الموارد الذاتية وهي الضرائب والجمارك فضلاَ عن أن الإنفاق في الميزانية كان غير مسبوق وهو اكثر من (8) ترليونات جنيه سوداني  ومن المؤكد أن تغطيته ستتم من جيوب المواطنين وقد تحدثوا عن رفع دعم السلع بما فيها الغاز والكهرباء والوقود وغيرها ، وفي الأساس لايوجد أي دعم وهذه الاجراءات تعتبر بدايات فقط لكن جل  الميزانية ستعتمد على الزيادة في  الرسوم الجمركية والضريبية أو زيادة السلع والخدمات الضرورية بحجة رفع الدعم عن الغاز والكهرباء الفيرنس وسيضاف لها الدقيق ، وقطع كرار بأنه لن يكون هناك مصدر لتمويل الميزانية غير جيب المواطن وهذا الأمر سيلقي بأعباء كبيرة على الناس وآثار سالبة على الاقتصاد من ضمنها رفع تكاليف الإنتاج وإرتفاع معدلات التضخم ومن ثم إرتفاع الأسعار وهذا الأمر سيؤثر على ذوي الدخول المحدودة أو الفقراء وتصبح الحياة بالنسبة لهم جحيماً لايطاق  أما السيناريو الاقتصادي للحكومة الإنتقالية  ليس لديها سكة غير السير في هذا الطريق أي بتمويل الأمن والدفاع   لجهة أنه يصرف عليها صرفاً كبيراً في هذه الميزانية لكن نحن نرى جانباً آخر أنه عند العيش في الأزمة الاقتصادية كلما تراكم السخط والغضب وسط المواطنين المطالب الاقتصادية ستؤدي إلى إضرابات وإعتصامات المطالب الاقتصادية ستؤدي إلى إضرابات واعتصامات وهذا الأمر يخدم الثورة التي لاتزال مستمرة حتى الآن ضد الإنقلاب العسكري ، لكن الميزانية والسياسات الاقتصادية موضوعة لتخدم أغراض الإنقلاب العسكري لذلك تحمل المواطن فوق طاقته لذلك ستؤدي هذه السياسات إلى أزمة اقتصادية كبيرة ولايوجد مخرج من الأزمة إلا بتغيير هذا النظام لنظام آخر.

قرار خاطئ
وفي ذات الاثناء قطع المستورد معاوية أبا يزيد بأن الرسوم الجمركية على الواردات ستؤدي إلى رفع أسعار البضائع والواردات ككل  إلى جانب رفع أسعار  الإنتاج المحلي  أي الصناعات الوطنية ستزيد لجهة  أنها مرتبطة بالواردات وهذا القرار خاطئ، وهناك بدائل أخرى لهذا القرار كان على وزير المالية أن يلجأ لها بدلاَ من هذه الزيادات الضخمة ، وأكد   في حديثه لـ(الخرطوم24)  أن الجهات ككل ستزيد بما فيها هيئة الجمارك ، وتوقع أن تسوء الحالة أكثر في المستقبل،  وتساءل مستنكراً كيف سيعيش المواطن المسكين، وجزم بأن تلك الزيادات ستؤدي إلى الهروب من دفع الجمارك ، وتابع هذا القرار لايحتوي على أية فائدة وكان من الأجدى  أن يعمل على تخفيض المنصرفات هيكلة الدولة وتشجيع الصادرات بدلاً من تطبيق هذه الزيادات ،. ومن غير المنطقي أن يتم خنق الصادر والواردات ومن ثم إنتظار الواردات.

ضعف الإيرادات
وتوقع الخبير الاقتصادي هيثم فتحي بأن  خطوة الحكومة في رفع الرسوم الجمركية لن تحقق إيرادات مرتفعة بل ستظل الإيرادات ضعيفة لتراجع حجم الطلب على الاستيراد وستقل الكميات المستوردة ويضعف العائد من الجمارك ولن تتمكن الدولة من تغطية العجز في الميزانية ومواجهة الصرف لتسيير دولاب الدولة، في ظل توقف المساعدات الدولية وتوقف حركة الإنتاج والصادرات.
وأوضح في حديثه لـ(الخرطوم24)  أن المشكلة الاقتصادية الحالية بحاجة إلى الإهتمام بالاقتصاد الحقيقي القائم على الاستثمار والتشغيل والتصدير للخارج مع تقليل الواردات وإحلالها بمواد مصنعة محلياً.
والاقتصاد السوداني غير مرن ولا يملك جهازاً إنتاجياً كالزراعة والصناعة، وتفتقر سياسة التجارة للضوابط الحمائية للمنتج المحلي، إضافةً لإنتشار الفساد المالي والإداري في دوائر القطاع العام، مما زاد حجم البطالة، وبهذا إكتملت جميع أركان التضخم الركودي في السودان،مضيفاً بأن السبب الرئيسي لما نحن فيه الآن من مشكلة اقتصادية هو تدني حجم الصادرات لمستوى أقل من حجم  الواردات وحتى حال نقصت هذه الواردات  بسبب أو آخر   و يعزو السبب الرئيس في تدني الصادرات للسياسة المالية المتمثلة في زيادة الرسوم والضرائب و الجمارك مما رفع من تكلفة الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
والزيادة الكبيرة في تكلفة الترحيل و جبايات الطرق مما أخرج كثيراً من المنتجين من دائرة الإنتاج.
وأدى ذلك إلى شح في الكميات المعروضة من الدولار (إنخفاض العرض منه) لدرجة أنه أصبح لا يلبي الطلب القائم عليه وأن قل. لذلك نجد أن الجنيه السوداني  في حالة  إنخفاض دائم وسوف يتواصل هذا الإنخفاض  ما لم يستطع البنك المركزي الحصول على قرض أو وديعة دولارية (وهذا غير ممكن في الوقت الحاضر بعد إجراءات 25 اكتوبر ) أو مبيعات ذهب تمكنه من التدخل و زيادة عرض الدولار في السوق.
وأردف تمثل زيادة الرسوم الجمركية التي أقرت اليوم واحدةً من زيادات عديدة فرضتها الحكومة على أسعار الخدمات والرسوم، لتغطية العجز الكبير في ميزانية الدولة بسبب المشكلات المتفاقمة التي يعانيها الاقتصاد السوداني منذ سنوات.
حدة المنافسة

وحول الآثار الإقتصادية لفرض زيادة  التعرفة الجمركية للواردات  على قطاع النقل الجوي والموردين  يقول خبير شؤون الطيران مرتضى حسن  قامت سلطة الجمارك استناداً لقانون الجمارك لسنة 1986م المعدل لعام 2010م ، بفرض زيادات على تعرفة بعض الواردات وعادة تتم تمشياً مع الزيادات العالمية في تعرفة الرسوم الجمركية والهدف منها هو حماية الصناعات المحلية وتحصيل رسوم على منتجات غير ضرورية والكماليات للمقتدرين  ،   فما هي إذاً أبعاد هذا القرار ودلالاته وإنعكاساته، وكيف سيؤثر على حركة الواردات عبر النقل الجوي ، قائلاً : إن تأثير قرار الحكومة الأخير زيادة التعرفة الجمركية لعدد من السلع الكمالية على الإحتياطات الأجنبية لدى البنك المركزي، سيكون محدوداً نظراً لقصر استخدام الإحتياطي على السلع الاستراتيجية.
وأضاف تستخدم التعرفات الجمركية كوسيلة لتحقيق جملة من المخرجات للاقتصاد الوطني في الدولة التي تفرضها، ومن بينها حماية الصناعات الوطنية، ولاسيما تلك الناشئة أو غير القادرة على منافسة الواردات الأجنبية في السوق المحلية، إضافةً إلى بعض العوامل المرتبطة بحماية المستهلكين أو حتى بالأمن القومي، ويمكن إجمال دوافع القرار  في ما يلي بحماية الصناعة الوطنية: وتشكل  على ما يبدو أحد أهم الدافع التي تقف وراء هذه الخطوة  ولاسيما في ظل تنامي حدة المنافسة في مجال صناعات الصلب والألمنيوم داخل السوق المحلي، وعدم قدرة الصناعة السودانية على منافسة الواردات الأجنبية من هذه الصناعات، ومن ثم جاء قرار فرض هذه الرسوم لتشجيع الصناعة المحلية وزيادة الإنتاج المحلي، وحماية الصناعة السودانيه من منافسة منتوجات بعض الدول مثل الصين وغيرها – الأمر الذي وجد  ترحيباً كبيراً من المصنعين في السودان  الذين أعلن عدد منهم خططاً لزيادة مستوى إنتاجهم.
الدوافع المرتبطة بالتوظيف والعمالة فحماية الصناعات الوطنية من الصلب والألمونيوم من شأنه أن يشجع المصانع على زيادة الإنتاج، وبالتالي زيادة عدد العاملين وتعزيز معدلات التوظيف وتقليل نسبة البطالة التي قد ترتفع إذا أغلقت هذه المصانع أبوابها بسبب المنافسة الدولية المُسْتعِرة؛ وهذا بحد ذاته يخدم أهداف استراتيجية قومية.
كذلك مواكبة زيادة الرسوم العالمية رغماً عن أنه سيؤثر بطريقة ما على تقليل حجم الوارد إلا أنه من منظور اقتصادي أشمل يصب في مصلحة عامة.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الخرطوم24 على تطبيق واتساب



شارك هذه المقالة