تناول الشيخ د. محمد عبد الكريم الشيخ في خطبة الجمعة، أمس، خبر موت الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، عن عمر يناهز الـ ٩٦ عاما، مذكراً بأن الموت هو الحقيقة الكبرى التي لا جدال فيها، ولا تفرق بين غني أو فقير. ومشيرا إلى أن الله تعالى قدر علينا الموت ليدلنا على قدرته ويجعل النفوس تلين عندما ترى حلول الموت.
وأضاف لن يكره الموت إلا جل تعلق بالدنيا ويخشى فراقها وشغلته لذاتها، أما المؤمنون فإنهم ينتظرون الموت في كل لحظة، وهم وحدهم الذين يجعلون الموت عظة وعبرة، ويتعظون بموت الملوك كما يتعظون بموت عامة الناس.
وقال الشيخ إن الملكة إليزابيث الثانية كانت أطول ملوك بريطانيا جلوسا على العرش، لأنها حكمت ٧٠ عاما،
وأضاف إنها ماتت في قصرها المنيف الواسع ولكنها ستنتقل إلى مكان ضيق مثلها في ذلك مثل الفقير، أين ذهب ملكها؟! أين مالها؟.. أين ثروتها؟!.. مؤكداً أن الملك الصالح هو الذي يتعظ بمثل هذا الفراق، مستشهدا في هذا المقام بقصة موت الخليفة هارون الرشيد الذي دعا عندما حانت ساعته (يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه).. ومذكرا بسير عدد من صالحي الأمة المسلمة وأحوالهم عند الموت، مؤكدا أنهم كانوا يستعدون له قبل نزوله بهم.
وقال الشيخ محمد عبد الكريم إن أطباء الملكة وقفوا ينظرون إليها وهي تموت عاجزين أن يصنعوا شيئا ((فَلَوۡلَاۤ إِذَا بَلَغَتِ ٱلۡحُلۡقُومَ وَأَنتُمۡ حِینَىِٕذࣲ تَنظُرُونَ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَیۡهِ مِنكُمۡ وَلَـٰكِن لَّا تُبۡصِرُونَ فَلَوۡلَاۤ إِن كُنتُمۡ غَیۡرَ مَدِینِینَ تَرۡجِعُونَهَاۤ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ).
وأوضح الشيخ أن هذه الملكة التي كانت دولتها تستعمر المستعمرات وتخوض الحروب وتعتدي على الدول كما حصل في غزو العراق ومشاركة بريطانيا في غزو أفغانستان وغيرها، هذه الملكة التي كانت تأمر وتنهى وتتبوأ مقعدا ومكانة، ترحل إلى الله جل وعلا ملك الملوك، الذي سيجمع الملوك يوم القيامة من أولهم إلى آخرهم فيقول (لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡیَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَ ٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ ٱلۡیَوۡمَ تُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۚ لَا ظُلۡمَ ٱلۡیَوۡمَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ)، ودعا المؤمنين إلى أخذ العبرة من الموت، وأن يدركوا أن الحياة الدنيا متاع وأن الآخرة هي دار القرار.
لفت الشيخ إلى أنه كما نأخذ العبرة من الموت ينبغي أن نأخذ العبرة من الحياة، مشيرا إلى أن الملك انتقل، بعد موت الملكة، إلى ابنها من غير اضطراب ولا خلاف وإنما بصورة سلسة، مضيفا أن البريطانيين استطاعوا أن يجدوا خطة ليقعِّدوا بها قواعد العدل ولهذا استمر ملكهم، مرجعا ذلك إلى سنة كونية ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية وهي (أن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة).
وتساءل: إذا كان أهل الكفر يصلون بعقولهم إلى أمر يجمعهم وإلى حكم يقيم العدل فيما بينهم، أفلا يستطيع أهل الإسلام وهم أهل العدل الذي أمرهم الله به (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) أفلا يستطيعون أن يصلوا إلى خطة سواء لإقامة العدل الأعظم الذي الذي جاء به الإسلام؟.. وتابع: أفلا يستطيع أهل السودان اليوم أن يصلوا إلى خطة سواء من أجل أن يقرُّوا حكم العدل ليهنأ الناس بحكم رشيد وليعيشوا حياة الكرامة بدلاً من المذلة والمهانة، بدلاً من الاضطراب وسفك الدماء والخصومات التي لا طائل من ورائها.
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس