زيادة الدولار الجمركي.. آثار كارثية متوقعة ونزال شرس ينتظر وزارة المالية

زيادة الدولار الجمركي.. آثار كارثية متوقعة ونزال شرس ينتظر وزارة المالية


 

تقرير: منال صديق محمد

انتهت مهلة الأسبوع التي كانت الغرف الصناعية قد منحتها وزارة المالية للتراجع عن قرارها بتحريك سعر الدولار الجمركي من 445 الى 564 جنيها، وكانت قد أعلنت عن خطوات تصعيدية بوقف طرح السلع في الأسواق وإيقاف الإنتاج، يفترض أنها ستنفذها بنهاية المهلة هذا الأسبوع.
وشدد عبد الرحمن عباس الأمين العام باتحاد الغرف الصناعية في مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي على ضرورة عدم إصدار قرار الموت السريري على القطاع الصناعي لافتا الى أن نسبة زيادة رسوم الخدمات بلغت 26% مع زيادة رسوم الخدمات تصل الـ 35% وأشار الى أن إجمالي الرسوم المختلفة على القطاع الصناعي تصل 70% من سعر التكلفة، وأن المواطن هو من يتحمل هذه الرسوم، وأنه بالزيادات المتكررة تعاقب الحكومة المواطن،!!.. وحذر من تداعيات ذلك على الاقتصاد القومي بأعتبار أن الصناعة عصب الأقتصاد
وزاد الأمين العام للغرف الصناعية عباس في مؤتمر صحفي أن الحكومة ترى أن الصناعة هي (البقرة الحلوب)، وتفرض الرسوم دون مشاورتنا..
وأشار عدد من ممثلي الغرف الصناعية الذين تحدثوا في المؤتمر بأن 80% من المصانع توقف بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، والمصانع العامة تعمل بطاقة 20% فقط. فيما اتهم صناعيون المالية بالعجز عن توفير الإيردات والاتجاه لفرض الرسوم.

*قطاعات اقتصادية أخرى على الخط:*

لم تكن ردود الفعل الغاضبة على القرار مقصورة على الصناعيين فحسب، بل أعلنت الغرفة القومية للمصدرين والغرفة القومية للمستوردين باتحاد الغرف التجارية، توقف حركة الصادرات والواردات السودانية عبر ميناء بورتسودان بسبب إضراب الحجر الزراعي احتجاجا على زيادة الدولار الجمركي، وبحسب حديث الغرفة القومية للمستوردين فإن الزيادة الكبيرة في سعر صرف العملات الأجنبية في النظام الجمركي جاءت بنسبة 30.8%.
وفي بيان صحفي دعت غرفة المستوردين منسوبيها لوقف الاستيراد وعدم سداد الرسوم الجمركية حتى يتم التواصل مع الجهات التي أصدرت القرارات وقال بأنها أحادية وتهدد قطاع المستوردين والقطاع الخاص بل الأقتصاد الوطني ككل، وتلهب نار معاناة المواطن.

*اعتراف.. ولكن!!*

من جانبها أقرت وزارة التجارة بوجود مشكلة في القوانين المنظمة لحركة السلع كما أقرت بوجود انفلات في السوق، والسبب خروج وزارة التجارة من قضية مراقبة السلع الأستهلاكية بعد قرارات تحرير الأسعار.
وأشار الأستاذ عبد الباقي عيسي عبد الله مدير عام التجارة الداخلية بوزارة التجارة والتعدين في تصريح إعلامي إلى وجود مشكلة في القوانين التي تنظم التجارة الداخلية، موضحاً أنها كانت سبباً في انفلات الأسواق، وقال إن وولاية الخرطوم تعمل بقانون 2012 وإن هنالك أزمة أخلاق تتطلب عقوبات صارمة، مع ضرورة التنسيق مع الجهات ذات الصلة.
الحالة الأمنية والسياسية والاقتصادية المتأزمة التي تعيشها البلاد ومنذ قرارات 25 أكتوبر من العام المنصرم، بل وقبلها، وأبرزها التراجع المستمر في مستوى المعيشة والتصاعد المستمر لأسعار السلع والخدمات ووصل الأمر إلى مرحلة أصبح فيها الكثيرون من ذوي الدخل المحدود يعانون في الحصول على لقمة العيش، خاصة في ظل الأرتفاع المستمر لأسعار السلع الأستهلاكية بل انعدام بعضٍ منها وصعوبة الحصول عليها ك(الأرز والعدس ولبن البدرة).
وتشير الكثير من التقديرات غير الرسمية، الي تضاعف أسعار غالبية السلع الاستهلاكية في السودان في الفترة الأخيرة حيث ارتفعت أسعارها بنسبة تجاوزت الـ 50% ، مما زاد أزمة حصول المواطن على لقمة العيش.. وتأتي قرارات زيادة الدولار الجمركي لتزيد من تعقيد الوضع بأكثر مما هو عليه، ويضيف على المواطن عبئاً جديد.

*تضارب مواقف:*

على الرغم من موقف وزارة المالية عند الموازنة العامة للدولة للعام 2022 وحديثها أن موازنة الدولة تهدف إلى تحقيق معدل نمو حقيقي وخفض التضخم وإحداث استقرار في سعر الصرف، إلى جانب توجيه الأستدانة من الجهاز المصرفي إلى مشاريع التنمية وتحسين رواتب الأفراد ومرتبات العاملين في الدولة، وتخصيص جزء مقدّر لزيادة حجم الإنفاق على الصحة والتعليم والخدمات الضرورية الأخرى, وركزت الوزارة في وقتها على معالجة تشوهات الأسعار وضبط الأسواق وتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار المحلي والأجنبي وتوفير مدخلات الإنتاج الكافية وضبط وترشيد الإنفاق العام وترتيب الأولويات بالتركيز على القطاعات الإنتاجية، وتحديد وانتخاب مشاريع قومية وولائية متوسطة وقصيرة المدى، بهدف إزالة الفوارق التنموية والخوانق في القطاعات الإنتاجية والخدماتية والجهود المبذولة في تحفيز الإنتاج والإنتاجية والتدرج في خفض الدعم الموجه للسلع الاستراتيجية والمحروقات والكهرباء، الأ أن الوزراة لم توفي بكل ماطرحته من حلول بل وتغيّر موقفها، وجاءت حلولها مزيدا من الزيادات وفرض رسوم إضافية على الخدمات في كل المجالات، وآخرها الزيادة الجديدة في الدولار الجمركي!!.. وجاء ردها على تهديد أتحاد الغرف التجارية بوقف طرح السلع وإيقاف الإنتاج وإمهال الوزراة اسبوعاً للتراجع عن قرار زيادة الدولار الجمركي، جاء ردها في تصريح الأستاذ أحمد الشريف محمد الناطق الرسمي بأسم وزارة المالية والتخطيط العمراني لبرنامج(كالأتي) بقناة النيل الأزرق نافيا مايسمى وجودهما يسمى بالدولار الجمركي فقال” أنه لايوجد مايسمى بالدولار الجمركي، بل هنالك رسوم جمركية تفرض على السلع المستوردة، مشيرا في حديثه إلى أن زيادة الرسوم الجمركية هو نتيجة للتغيرات في العملة وتذبذب أسعارها، ورأى أن التعامل مع تخفيف تأثير ذلك على زيادة السلع والخدمات يكون بعمل برامج للحماية الاجتماعية لتخفيف حدة الفقر ومراقبة الأسعار عبر منظومة متكاملة مع كل الجهات ذات الصلة بعكس ما ذكرته وزارة المالية مع بداية العام الحالي وعند إجازتها لميزانية هذا العام

*تداعيات سالبة:*

يري خبراء أقتصاديون أن السياسات القاسية التى لجأت اليها الحكومة أثرت بشكل واضح على معاش الناس وعلى القطاعات التي تمد المواطن بالسلع الأساسيةِ، لا سيما القطاع الصناعي والتجاري والزراعي الذي أصيب بالتوقف التام، ورأوا ضرورة متابعة الخطة الاقتصادية وضبط الخطاب الاقتصادي وقراءة المشهد الاقتصادي الإقليمي والدولي حتى لايكون هنالك تخبط في القرارات يدفع ثمنها المواطن.
وراو بضرورة وقف التداعيات الأقتصادية السالبة التي خلفتها الأزمة السياسية والتي أبرزها التراجع المستمر في مستوى المعيشة والتصاعد المستمر لأسعار السلع والخدمات وما صاحبها من الركود الحاد المهدد للاقتصاد وتوقف لكثير من المصانع والمشاريع بسبب زيادة مدخلات الإنتاج الذي كان آخرها زيادة الدولار الجمركي مما يعني المزيد التدهور في الوضع الاقتصادي الذي يدفع ضريبته المواطن.
ومن جانبه يرى البروفسير عصام عبد الوهاب بوب الأستاذ الجامعي والباحث والخبير الأقتصادي أن المواطن السوداني أصبح مغلوباً على أمره وهو يشاهد من أتوا لمساعدته يزيدوه في النار حطباً وصار لا يكتوي بنار الغلاء فقط، بل يحترق بلهيب الجبايات والضرائب والفوضي الاقتصادية والسياسية وبإفرازات الحركات والغبينة مشيرا إلى تطبيق زيادة الدولار الجمركي التي تم تطبيقها منذ لحظة التوقيع على المنشور وبالتالي بدأت مستويات التضخم في الزيادة والغلاء إلى مستوي أعلى كثيرا, وبالتالي زاد من أعباء المواطن وزادات معاناته بصورة أكبر بل أصبح يعاني من أكبر مصيبة وهي الأثر النفسي السالب واليأس.
وتوقع البروفسر بوب حدوث كارثة، وقال في تصريح لـ (الخرطوم24) “نحن مهيأون لكارثة سياسية واجتماعية قادمة لا محالة وأن المخرج لن يكون الا بتشكيل حكومة تكنوقراط، ورأى بوب أنها الحل العاجل والصحيح وليس أي حل غيرها مع ضرورة التخلص من الحوافز التي تجعل السلطة مغرية، والغاء كأفة والامتيازات والإغراءات الاقتصادية لتولي المناصب، مع إلغاء كلمة دستوري كليا، على أن تصبح الوظيفة الحكومية هي شرف، فالقيادة لا تتقاضى حوافز ولا تركب سيارات ولا تجدد مكاتب ولا تعين أقارب, بل تحاسب وتحسن ويتم إعدامها إذا أخطأت!!.. ورأى بوب ضرورة إحياء الضمير واحترام المواطن كما نادى بضرورة بناء الاقتصاد على مفهوم أن الاقتصاد يصنع ليعيش الإنسان وليس لكي يغتاله.

*خاتمة:*

إن مناهضة قرار زيادة الدولار الجمركي من قبل أتحاد الغرف الصناعة بوقف طرح السلع وايقاف الانتاج وتوجيه الغرفة القومية للمصدرين والمستوردين منتسبيها بوقف الاستيراد والتصدير الخطوات التصعيدية لكل الجهات الاستثمارية في ظل غياب الرؤية الشاملة لحل المشكلة الأقتصادية التي تتحقق بالتوافق الوطني وحل المشكلة السياسية بما يبعد يخفف شرر لهيب معاناة المواطن السوداني الذي أكتوى بالسياسيات الاقتصادية الخاطئة وأستمرار التدهور السياسي والأمني يوما بعد يوم.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس



شارك هذه المقالة