السودان..الصادرات الزراعية.. الإهمال المدمر – الخرطوم24 أون لاين

انسحاب الهلال من كأس السودان


 

الخرطوم: هنادي النور
غياب وزراء القطاع الاقتصادي عن ورشة صادرات السودان الزراعية (رؤية مستقبلية لواقع أفضل) باتحاد الغرف التجارية امس أمر استجهنه عدد الحضور واثار استغرابهم في ذات الوقت، واعتبروه مقياساً لعدم اهتمام الدولة، وقالوا ان هذا الأمر يدل على عدم الاهتمام من قبل الدولة، مما يؤكد أن هناك خللاً واضحاً، وبرر رئيس الغرفة القومية للمصدرين عمر بشير طه ذلك بأنها ورش قطاعية، مضيفا أن الغرفة ليست مسؤولة عن وضع السياسات وإنما طرح الأسئلة، وشخص عدد من مصدري الحبوب الزيتية الإشكالات التي تواجههم في عدد من المحاور متمثلة في انعدام الإرادة السياسية وضعف الإنتاج وانحسار المشروعات، فضلاً عن تدني الإنتاج وضعف الرقابة على الأسواق المحلية وفقدان السوق الخارجي بسبب قلة الجودة بجانب عدم المواكبة للتطورات، وجزموا بأن اهمال الدولة للزراعة مهدد خطير.
شراء بواخر
ومن جانبه جزم وزير النقل هشام أبو زيد بان قطاع النقل مكمل لنشاط الصادر ويسهم في زيادة صادرات بالبلاد، واكد ان الوزارة لديها رؤية استراتيجية تستهدف استغلال موقع السودان الجغرافي في وسط القارة الافريقية ومفترق طرق وممرات تجارية مختلفة، وتسعى الوزارة لتعزيز قدرات بما يسمح للبلاد بالاستفادة من الموقع والممرات التجارية خلال المرحلة المقبلة.
وكشف هشام عن الشروع في شراء باخرتين للخطوط البحرية السودانية وكذلك توفير حاويات، دعماً لقطاعي الصادر والوارد والخروج من سيطرة الشركات الاجنبية وتقليل تكلفة العمل بما يعود بنتائج إيجابية مباشرة على العاملين بالقطاع، وأشار الى وصول عشرين وابوراً للسكة حديد خلال الشهر المقبل من أجل تعزيز قدرات النقل لتلبية طموحات القطاع الخاص.
من يقود من؟
فيما اكد رئيس الغرفة القومية للمصدرين عمر بشير خليفة ان الغرفة تمضي في عقد الورش القطاعية، تمهيداً لقيام المؤتمر العام للصادرات بغية الوصول لنتائج جيدة، مبيناً أن القطاع الخاص مسؤول عن الانتاج والتوزيع والنقل والتسويق والتصدير، ويفترض ان تكون له سياسات داعمة لسلسلة الصادر، وأضاف ان هذه الورشة تسعى للوصول الى ما هو المطلوب من القطاعين الخاص والعام، والإجابة عن سؤال (من يقود من؟)، ودعا الى أهمية التشاور والوصول الى رؤية مشتركة تحقق التنسيق بنسبة ١٠٠% بين الجانبين.
تمويل المخدرات والعملة
وخلال تعقيبه على الاسئلة والمداخلات انتقد بشير عدم تمويل البنوك القطاعات الانتاجية والتنمية، وتساءل قائلاً: اذا كانت البنوك لا تمول الزراعة والصادر فماذا تمول المخدرات والعملة؟! وطالب البنك المركزي بالقيام بدوره وكل القطاعات ذات العلاقة بالصادر، منوهاً بان هنالك قانوناً يحاسب من لا يقوم بدوره، مشيراً الى ان 38% من تكلفة الصادر لرسوم لها علاقة به، وقال: انا كمصدر كيف انافس بهذه التكلفة وأردف قائلاً: سلع صادرنا مثقلة باغلال كثيرة منها ارتفاع تكلفة التمويل، وتساءل: هل دور الغرفة البحث عن السياسة التمويلية للقطاع المصرفي.
زراعة بالخسارة
وبدوره أكد رئيس اتحاد الغرف التجارية نادر الهلالي على إمكانات البلاد الضخمة، بيد أنه قال: نسمع ضجيجا ولا نرى طحيناً، مبيناً أن البلاد تزرع نحو ٥٥ مليون فدان تنتج ٢.٥ ملايين طن للصادرات الزراعية، وتحقق عائدات بـ ١.٢ مليار دولار، واستنكر مساهمة الفدان في عائدات الصادر بنحو ٢٣ دولاراً مما يعني انهم يزرعون بالخسارة، وقطع بان هذا الوضع يؤكد ان هناك خللاً في التنوع والتوسع ودراسة سوق العمل، واضاف ان الصين تستورد ١٠٠ مليون طن من الفول بينما السودان ينتج حوالى مليوني طن فقط، مبيناً ان العالم يحتاج للسودان لتحقيق الامن الغذائي ويسد الفجوة الغذائية، وقال: يجب على البلاد ان تعمل بمفهوم ماذا تنتج وكيف ولمن؟ داعياً لمراجعة شاملة وتشريح للخروج برؤية تدعم القطاعين العام والخاص، واعلن الهلالي عن تبني مقترح التركيبة المحصولية لاحداث التغيير المطلوب.
وحمل رئيس شعبة الحبوب الزيتية محمد المعتز الدولة مسؤولية تراجع المساحات الزراعية بجانب تدني الإنتاج، مما اثر في استدامة المنتج في الأسواق العالمية اضافة للتكلفة العالية للعملية الزراعية التي تصل الى ما بين ٥٠ الف ــ ١٥٠ ألف للفدان مما اثر سلباً في تراجع صادرات الحبوب الزيتية، وعزا ذلك لضعف الجودة في مدخلات الزراعة، وعاب عدم مواكبة التقنيات الحديثة خاصة البذور بجانب عدم وجود ارشاد زراعي، اضافة لاعتماد الأسواق المحلية على المنتجات.
ودعا وزارة الزراعة الى الاهتمام بالزراعة من أجل الصادر وان تكون هناك تغطية للاكتفاء الذاتي، مما ينعكس على توفير العملة الأجنبية.
ولفت الى جهود القطاع الخاص لتطوير ونقل المزارع من الطرق التقليدية الى الحديثة عبر توفير صيغة تمويل وضمان مواكبة التقانات الزراعية الحديثة.
توصيات متكررة
وشدد رئيس شعبة مصدري الصمغ العربي، احمد الطيب، على ضرورة التركيز وزيادة الانتاج للصادر، وانتقد تراجع مساحات الحزام بسبب القطع الجائر، كذلك عدم وجود مجلس سلعي لتحديد اسعار الصمغ، داعياً الى اعادة تشجير الحزام، موضحاً ان الدولة تأخذ رسوماً على كل قنطار صادر بنحو أربعة آلاف جنيه وتصل قيمتها سنويا لاكثر من تسعة مليارات جنيه، مما يستوجب تخصيص ٢٠% لاعادة تشجير حزام الصمغ العربي، واضاف قائلاً: الورش والمؤتمرات ظلت تناقش المشكلات وتتكرر نفس التوصيات والحلول والمقترحات دون نتائج، وكل ذلك شأن الدولة، مشيراً الى اهمية توفير معمل مركزي يقدم مواصفة للصمغ لاختراق السوق العالمي وزيادة الصادر، الى جانب سياسات وتشريعات.
تدمير
وشن رئيس شعبة مصدري القطن صلاح محمد خير هجوماً عنيفاً على الدولة لتدميرها لمشروع الجزيرة قائلاً: اسوأ نظام مر على السودان لفترة ٢٥ عاماً، مما نتجت عنه فوضى في الاسعار وأعطى مساحة واسعة للتهريب.
وكشف عن زراعة مليون و ٢٠٠ الف فدان، وتم انتاج ٧ قناطير وحصيلة صادر وصلت الى 1،325 دولار. ونبه إلى أن فاقد القطن ٧٠ دولاراً للرطل القطن. وانتقد عدم جودة الأقطان قائلاً: إن التقاوي غير متوفرة ويتم جلبها من دول جودتها ضعيفة، رغم أن السودان لديه اجود قطن في العالم.
وطالب بعودة مشروع الجزيرة للقانون، ولفت الى تراجع المساحات المزروعة من ٦٠٠ الف الى ١٥٠ الف فدان.
وقال: خرجنا من السوق العالمي بعد قرارات ١٩٩٠م وكان السودان آنذاك محتكراً للسوق العالمي. وجزم بأن أكبر مشكلة تواجه صادر القطن وجود الاجانب. وشدد على الدولة بضرورة إيجاد معالجة سريعة وعمل سياسات ونظم القطن واعطاء المزارع نصيب الأسد من العائدات، ودعا الى عمل بورصة لجهة ان هناك إشكالية كبيرة في سوق شراء القطن.
بدون رقيب
وكشف عضو شعبة الكركدي ابراهيم صديق عن تصدير كميات كبيرة من حب البطيخ لدولة مصر، مؤكداً على اهمية منتج حب البطيخ لدولة مصر بعد ان اتجهت لزراعة القمح والارز.
وقال: نحن كشعبة نواجه مشكلة في مواقع انتاج الحبة الصغيرة بجانب مشكلات القفل بالهند ابان جائحة كورونا. وشكا من مشكلة تدخل الأجانب في سوق الحبوب الزيتية والشراء من الأسواق المنتجة بدون رقيب مما يؤثر في حصيلة الصادر، فضلاً عن مشكلات الميناء.
تدني الإنتاج
فيما اقر رئيس شعبة الذرة والاعلاف عادل قاضي بتدني الانتاج في الذرة لسنوات طويلة، كاشفاً عن ضعف عائدات صادر الذررة بجانب فقد السودان أسواقاً كبيرة.
وقال القاضي: ان هنالك مبالغ كبيرة تصرف على المساحات التى تنتج الذرة، غير أن الإنتاجية فيها لا تتجاوز (3) ملايين طن مقارنة مع المساحات المزروعة وعند الانتاج نجد ان العائد لا شيء. وشكا القاضي من تدخل الحكومة بسياساتها بفتح وقفل صادر الذرة، لافتاً لعدم وجود خطط ودراسات لتحديد حجم الاستهلاك والفائض للصادر، مقراً بانهم يزرعون المتاح ويتم التصدير في وقت متأخر معتبراً ذلك مشكلة. وكشف القاضي عن فقدان السودان أسواق كبيرة نتيجة لتدني الإنتاج، لافتاً الى ان الدول التى فيها طلب واسواق للمنتجات السودانية (اريتريا، اثيوبيا وجنوب السودان) متأثرة بإغلاق الحدود، لافتاً لمشكلات اخرى تواجه الذرة خاصة التخزين، كاشفاً عن تلف كميات كبيرة وخسائر ما بعد الحصاد تقدر بنحو (600) ألف طن. وقال القاضي: هناك طلب وإقبال كبير على الذرة الصفراء محلياً وخارجياً، منوهاً بدخول استثمارات ضخمة في الآونة الأخيرة بالشمالية لزراعة البرسيم كاعلاف، مؤكداً على أن عائدات البرسيم مجزية ومضمونة وتصل الى عائدات الصمغ العربي، غير انه نبه إلى انه في الأعوام الثلاثة الاخيرة واجهت زراعة البرسيم مشكلات وصعوبات لارتفاع التكاليف من كهرباء أو جازولين ومياه.
مهدد خطير
وحذر ممثل مزارعي القضارف آدم سقدي الدولة من إهمال الزراعة قائلاً: نتحدث عن مشكلات الصادرات الزراعية ومشكلات صادر العام المقبل بسبب التمويل، وانتقد سياسات البنك المركزي لعدم وجود سياسة واضحة، وأضاف أن البنك سجن المصدرين بسبب عوائد الصادر ولا يريد السماع لهم، ولفت الى تراجع المساحات المزروعة الى سبعة افدنة وسوف تنحسر أكثر، واعتبر ذلك مهدداً خطيراً وعلى الدولة الانتباه الى أمر الزراعة، وقال: بالنسبة للقطن هناك ٨٠٠ مليون خرجت عبر الحدود، وطالب بضرورة ضبط الأسواق وأن معاجلتها تحتاج الى وقفة.
غياب الوزراء
وهاجم الخبير الاقتصادي د. خالد التيجاني سياسات الدولة قائلاً: تتغير الحكومة والسلطة والحال نفس الحال، وسخر قائلاً: اي حكومة ليس لديها المقدرة على توفير الحد الأدنى للمواطن الفائدة شنو؟، وأضاف أنه شيء مخجل، وان هنالك خللاً وفقراً في القيادة والتصورات في كيفية إدارة الأولويات. وجزم التيجاني بأنه أكبر جزء ليست له قيمة، فيما قطاع التنمية دائماً هو الضحية، واستدرك قائلاً: عند السؤال عن اية موازنة للقطاع الزراعي بشقية النباتي والحيواني مقارنة بأي قطاع آخر نجد أن الصرف السيادي والأمني والعسكري أعلى، وتساءل عن غياب وزراء القطاع الاقتصادي عن الورشة، وأضاف ان هذا يدل على عدم الاهتمام. وأردف قائلاً: لا يوجد ترتيب للأولويات، واستدرك قائلاً: لعشرات السنين نتحدث عن نفس المشكلات دون حلول واضحة.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الخرطوم24 على تطبيق واتساب



شارك هذه المقالة