تصعيد أمريكي غير مسبوق ضد الحكومة السودانية على خلفية استخدام الأسلحة الكيماوية
في تطور مفصلي يعيد رسم ملامح الأزمة السودانية، فعّلت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات قاسية على الجيش السوداني ابتداءً من 26 يونيو 2025، بموجب قانون مكافحة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية لعام 1991، عقب تأكيدات باستخدام هذه الأسلحة ضد المدنيين خلال الحرب الدائرة منذ أبريل 2023.
تتضمن العقوبات حظر تصدير الأسلحة والسلع المرتبطة بالأمن القومي إلى السودان، ووقف المساعدات غير الإنسانية، وحرمان الخرطوم من أي تمويل حكومي أمريكي أو من المؤسسات الدولية المرتبطة بواشنطن، إضافة إلى قيود مالية واسعة النطاق تعزل السودان عن النظام المالي العالمي.
ويرى محللون أن العقوبات تمثل ضربة اقتصادية موجعة لحكومة بورتسودان المرهقة أصلاً بالحرب والانهيار المؤسسي، وستفاقم المعاناة الإنسانية للشعب السوداني الذي يعيش على حافة الانهيار.
عزلة سياسية تلوح في الأفق ضد البرهان
تحمل العقوبات أبعاداً سياسية مباشرة، إذ حمّلت واشنطن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني، المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات واستخدام الأسلحة الكيماوية.
وتؤكد مصادر دبلوماسية أن الخطة الأمريكية تهدف إلى عزله دولياً، وتجميد أصوله، وتقييد تحركاته وتعاملاته الخارجية، تمهيداً لإنهاء شرعيته السياسية ووقف التفاوض معه في أي تسويات مقبلة.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها مقدمة لقطع الطريق أمام أي اعتراف دولي بالحكومة السودانية الحالية، وتهيئة الأرضية لمرحلة انتقالية جديدة بسلطة مدنية خالصة.
احتمالات رد مضاد وتحالفات بديلة
في المقابل، يتوقع مراقبون أن تسعى الحكومة السودانية للرد عبر تعزيز تقاربها مع روسيا والصين وإيران، في محاولة لإيجاد مظلة بديلة وكسر العزلة المتصاعدة، مع الإبقاء على سيطرة الجيش وتحالفه الوثيق مع عناصر تنظيم الإخوان المسلمين داخل مفاصل السلطة، وخاصة في قرار استمرار الحرب.
لكن هذه الاستراتيجية، وفق محللين، ستدفع البلاد نحو مزيد من العزلة والانهيار، وتفاقم الضغوط الداخلية والخارجية، في وقت لم يعد فيه السودان يحتمل استمرار الحرب أو اتساع رقعة الفساد والانقسام.
إنذار دولي وتصعيد قانوني محتمل
تحذر منظمات حقوقية من أن تكرار استخدام الأسلحة الكيميائية قد يفتح الباب أمام ملاحقات جنائية دولية لقادة الجيش السوداني، وقد يصل الأمر إلى تدخل أممي مباشر لحماية المدنيين إذا استمر تدهور الوضع الأمني والإنساني.
ويؤكد خبراء أن المخرج الوحيد المتبقي هو إنهاء الحرب فوراً، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم استخدام الغازات السامة، وإعادة السلطة إلى حكومة مدنية ديمقراطية تنهي نفوذ العسكر وتنظيم الإخوان داخل الدولة السودانية.