موسم الخريف بالسودان.. مآسي ومعاناة تتجدد كل عام – الخرطوم24

موسم الخريف بالسودان.. مآسي ومعاناة تتجدد كل عام – الخرطوم24


 

تقرير: منال صديق محمد

يبدأ موسم الأمطار في السودان عادة في يونيو ويستمر حتى أوائل أكتوبر، وتبلغ الفيضانات ذروتها في أغسطس وسبتمبر، وفي الغالب تشهد البلاد خلالها فيضانات وسيول تلحق أضرارا بالمساكن والبنية التحتية والمحاصيل نتيجة للفساد وضعف وتدهور البنية التحتية وباتت كوارث سقوط الضحايا والمنازل والمرافق العامة سمة ملازمة للأوضاع في كافة ولايات السودان حتى ولاية الخرطوم، إذ يشهد السودان سنويا خلاله سقوط أعداد كبيرة من الضحايا البشرية، ووقوع خسائر مادية ضخمة في المنازل والزراعة.
وهذا العام لم يكن بأفضل من الأعوام السابقة وبحسب تقارير هيئة الأرصاد الجوية، قد يكون هذا العام أسوأ من الأعوام السابقة فإن من المتوقع هطول أمطار أعلى من المعدل خلال الأسابيع المقبلة في ولايات السودان المختلفة، مع توقعات بتضرر المناطق الشمالية الغربية من العاصمة الخرطوم بصورة أكثر بالفيضانات الناتجة عن التدفقات القادمة من الهضبة الإثيوبية عبر النيل الأزرق، خاصة في ظل الاستعدادات لخريف هذا العام الذي جاء بصورة أقل بكثير من المتوقع.

*دمار واسع:*
أحدثت السيول والأمطار دمارا واسعا في المباني والمشاريع الزراعية، كما قطعت الطريق الرئيسي الرابط بين عدد من القرى والعاصمة الخرطوم ومدن البلاد الأخرى، وتضرر نحو 136 ألف شخص بالأمطار الغزيرة والفيضانات في 12 ولاية.
وتعد أكثر ولايات السودان تضررا، هذا العام بالفيضانات؛ ولاية نهر النيل، وكسلا، وجنوب كردفان، وجنوب دارفور، والجزيرة.
قال العميد شرطة عبد الجليل عبد الرحيم، الناطق الرسمي باسم المجلس القومي للدفاع المدني، أن منطقة بربر بولاية نهر النيل هي الأكثر تضررا من السيول والأمطار بالإضافة إلى جنوب دارفور وشمال كردفان ومحلية المناقل بولاية الجزيرة، وأشار في حديثه لبرنامج (كالآتي) بقناة النيل الأزرق أن أغلب الوفيات هي نتيجة الغرق من حوادث عبور الأودية والخيران، متوقعا زيادة الخسائر المادية وهنالك منازل محاصرة بالمياه، وقال إن هنالك 75 حالة وفاة في كل مناطق السودان وتدمير كامل لـ 12.551 منزلا بالإضافة إلى 20.257 منزلا تدمير جزئي ونفوق 117 رأسا من الماشية والأبقار، وغمر مساحات زراعية كبيرة بالمياه وانقطاع لعدد من الطرق القومية والفرعية.
بعد المناشدات التي انتشرت عبر الوسائل والوسائط لإنقاذ أهالي بربر بولاية نهر النيل، كانت أول مبادرة من النائب الأول محمد حمدان دقلو دقلو، والوفد المرافق له بزيارة إلى ولاية نهر النيل لتقديم الدعم المعنوي والمادي لضحايا الفيضانات والسيول والأمطار وتقديم مبلغ 30 مليار جنيه لتعمير قري محلية جنوب بربر التي تضررت جراء السيول والأمطار، ولحق الضرر بعدد كبير من المنازل التي انهارت تماما، وكان يرافق دقلو عددٌ كبير من الوزراء من بينهم وزير المالية دكتور جبريل إبراهيم و وزير الصحة و وزير العون الإنساني و وزير التنمية.
وطالب دقلو بتكوين لجان مباشرة من المتضررين لتسليم تلك المساعدات مباشرة، كما طلب النائب الأول من أهالي ولاية نهر النيل وقف استخدام الزئبق في تنقيب الذهب لأنه يسبب السرطان، وقال الذهب مسؤولية اجتماعية يجب أن يستفيد منه المواطن في المنطقة أولا، وأضاف: سبب هذه السيول عدم التخطيط السليم، ووجه بتصحيح الطرق الرسمية التي قطعت مجري السيل، و قال هي السبب الرئيس في هذا الفيضان.
ومن جانبه، وبتكلفة بلغت 245500 مليون جنيه، دشن يوم الخميس 18 أغسطس وزير التنمية الاجتماعية أحمد بخيت والأمين العام لديوان الزكاة إبراهيم موسى عيسى القافلة الإنسانية المتجهة إلى منطقة نهر النيل التي تعرضت للسيول والأمطار وتكبدت خسائر فادحة في الممتلكات، وقال الوزير بأن لديهم غرفة طوارئ منعقدة لمتابعة المستجدات في المناطق المتضررة وعينهم على بقية الولايات المتضررة بالخريف
أضرار فوق الإمكانيات
كما تفقد الطاهر حجر عضو المجلس السيادي، قريتي عبود وكوقيلا بالمناقل بالجزيرة، وطالب أهالي ومواطني المنطقتين بضرورة الابتعاد عن مجاري السيول والفيضانات مشيرا إلى أن الأضرار التي تأثرت بها قرى وأحياء المناقل بالجزيرة تفوق إمكانيات المحلية والولاية، وقد تبرّع عضو مجلس السيادة الطاهر أبوبكر حجر، بـ 10 مليون جنيه دفعة أولى، للمتضرّرين من السيول والأمطار في قريتي عبود وكوقيلا.
وقال خلال زيارته التفقدية التي رافقه فيها وزير الطرق والجسور وممثل الدفاع المدني وممثل وزارة الصحة الاتحادية، إن حجم الضرر على مواطني المناقل خاصة قرية عبود وقرية كوقيلا وبعض أحياء المناقل الشمالية الشرقية من جراء السيول والأمطار كانت كبيرة.
وأشار إلى أن المتضررين يحتاجون إلى معالجات عاجلة من مواد الإيواء والمواد الغذائية والصحية، ووجه الطاهر بالإسراع في تكوين لجان لحصر الأضرار ، وربط اللجان بالوزارات والجهات ذات الصلة، بما يمكنها من تجاوز الأزمة الراهنة وأمن عضو مجلس السيادة، على ضرورة توحيد الجهود الحكومية والشعبية، لتخفيف الأضرار، ووعد سيادته بتقديم الدعم العاجل والمساعدات الإنسانية الضرورية.
ومن جانبه كشف والي ولاية الجزيرة المكلف إسماعيل عوض الله العاقب أنه تم حصر كل المتضررين من السيول والبالغ عددهم ثلاثة آلاف أسرة، مطالبًا المنظمات الوطنية والأجنبية بالتدخل العاجل لتقديم المساعدات الإنسانية.
وكان المدير التنفيذي للمحلية حافظ الجاك قد أعلن عن انهيار (750) منزلا انهيارا كليا بريفي المناقل، إضافة لتأثر بعض المساحات الزراعية، فيما تم استخدام المدارس كمراكز لإيواء المتضررين وتقديم الدعم الصحي لهم.
وتعتبر المرة الأولى منذ سنين عدة تتعرض فيها مدينة المناقل وقراها إلى سيول بلغ ارتفاعها نحو متر من سطح الأرض في قلب المدينة، وأثرت في السوق الرئيس الذي يعد مركزًا تجاريًا للآلاف من سكان القرى المجاورة للمناقل.

داخليا أيضا تحركت منظمات المجتمع المدني بالإسراع لنجدة المتضررين، حيث زكرت جمعية الهلال الأحمر السوداني بأنها ستقدم مساعدات بقيمة 50 ألف دولار للمنكوبين بنهر النيل وفي انتظار موافقة حكومة الولاية التي بدورها قامت بالموافقة اليوم وأن القافلة محملة من أربع شاحنات مقدمة من شركاء الجمعية والمعونة الأمريكية وسيتم تيسير قافل أخرى خلال اليومين القادمين إلى محلية بربر، إلى جانب قوافل أخرى لولايتي سنار وكسلا تبلغ 500 ألف دولار، ونوهت لنداءات داخلية وخارجية لدعم أنشطة جمعية الهلال الأحمر السوداني لمجابهة آثار السيول والفيضانات
مساعدات إقليمية،
كما قدمت مؤسسة (قطر الخيرية) 345 طناً من السلال الغذائية لدعم الأسر الفقيرة في عدد من الولايات السودانية، بالتنسيق مع جهات إنسانية في السودان، وميدانيا وزعت 7 آلاف و500 سلة غذائية تزن 345 طناً على المرضى في المستشفيات ونساء أرامل وأسر نازحة، وقد شملت المساعدات ولايات شمال دارفور وجنوب كردفان ونهر النيل وسنّار والجزيرة والخرطوم، ولفت بيان الموسسة إلى أن “الفرق الميدانية نجحت بتوزيع المساعدات الغذائية رغم الظروف الطبيعية القاسية في عدد من الولايات البعيدة التي تشهد فيضانات وأمطاراً غزيرة وسيول تسببت في انقطاع الطرق.
وفي صعيد متصل أطلقت هيئة الهلال الأحمر الإمارتي حملة إغاثة عاجلة للولايات المتضررة بالسيول والأمطار بالسودان وذلك بإشراف مباشر من سعادة حمد محمد حميد الجني سفير دولة الإمارات لدى السودان ووصل إلى الخرطوم وفد من الهئية برئاسة السيد محمد خميس الكعبي مدير إدارة الكوارث بهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، حيث تم أمس الخميس توقيع العقود مع شركات سودانية لتوريد أكثر من مائة وخمسين طن من المواد الغذايئة ومواد الإيواء (خيام وأغطية ومشمعات) بجانب مواد طبية وصحية لإصحاح البيئة وتستهدف الهيئة أكثر المناطق تضررا من السيول والأمطار بالسودان، وستبدأ الحملة اليوم الجمعة 19 أغسطس غرب أمدرمان، وتستمر طوال الأسبوع القادم لتشمل المناطق المتضررة من الولايات
ورسميا وجه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتسيير جسر جوي بين الخرطوم والدوحة لدعم المتأثرين بالسيول والفيضانات بالسودان،
كما قدم المصرف العربي للتنمية في إفريقيا 10 مليون دولار منحة تسلتمها وزارة الصحة السودانية لمكافحة آثار السيول والفيضانات وكوفيد 19، وهي منحة أولى.

تم تداول فيديوهات وصور على الإنترنت خلال الأسابيع الماضية، تظهر مياه الفيضانات تجتاح الشوارع، وسط جهود الأفراد لإنقاذ ممتلكاتهم أوضاعا إنسانية وصحية صعبة للغاية، وفي العادة يتسبب موسم الخريف في أوضاع خطيرة يتضرر منها بشكل كبير الأطفال وكبار السن بسبب انتشار أمراض الملاريا والإسهالات المائية في ظل توالد الناموس والحشرات وسوء الأحوال، الذي يكون نتيجة لتراكم المياه خاصة في القرى والأرياف والمناطق البعيدة الخدمات الصحية وتردي الأوضاع البيئية.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس



شارك هذه المقالة