مبادرة 730 يوماً للإصلاح الاقتصادي.. خبراء مهنيون .. أربع  ركائز للعبور

مبادرة 730 يوماً للإصلاح الاقتصادي.. خبراء مهنيون .. أربع  ركائز للعبور


وزير الاستثمار السابق د. الهادي:  انتشار الفساد المالي والإداري تسبب (…)

رجل الأعمال مأمون قيلي : مشاركتنا  في القرارات الاقتصادية لا تتجاوز دور (الكومبارس)

مدير مكتب المشاريع الدولية:  دعم قدرة الحكومة المدنية الانتقالية المقبلة

الخرطوم : هنادي النور

بعد تفاقم الأوضاع الاقتصادية التي أدت إلى تدهور كبير في كافة مناحي الحياة ، وإنشغال السياسيين في صراع مستمر دون الانتباه إلى توقف حال البلاد ،  تداعى عدد من الخبراء  مهنيين واقتصاديين لإطلاق مبادرة ( 730يوماً ) بمشاركات شخصية وبالتنسيق مع  (مركز المشاريع الدولية)  وهدفت هذه المبادرة إلى تفادي أخطاء الحكومة الإنتقالية لتقديم مقترحات للفترة القادمة مدتها عامان خاضعة للتحديث المستمر والتقييم والمتابعة لتحديد الأولويات، وخرجت المداولات بعد إجتماعات مكثفة إلى تحديد أربع  ركائز أساسية للعبور بالمرحلة الإنتقالية القادمة ، وأجمع هؤلاء الخبراء بأن تكون القضية فقط معاش الناس وإنعاش الإقتصاد.

محاولات الإصلاح

تأتي الإجراءات الاقتصادية ضمن مسار طويل ومعقد من محاولات الإصلاح الاقتصادي،وعقب سقوط حكومة الإنقاذ وضعت حكومة الشركاء وبرئاسة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، برنامجاً للإصلاح الاقتصادي، ووافق صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على دعم الحكومة وتخفيف أعباء الديون من خلال المبادرة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك).

و نجحت الحكومة في وقتها ، وعقد مؤتمر إقتصادي كبير  بمشاركة واسعة من المهتمين بالشأن ، ولكن بسبب عدم إتفاق الشركاء ، تفاقم الوضع المعيشي ، فضلاً عن أن القرارات السياسية التي تمت في ٢٥ أكتوبر الماضي ، ضاعفت من حدة الأزمة بعد أن جمد المجتمع الدولي معظم المساعدات التي كانت مخصصة للنهوض الاقتصاد ويواجه السودان حالياً  أزمة سياسية متعددة الأوجه، أثرت بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي في البلاد، وعزلته عن المجتمع الدولي ومساعداته، في وقت تحاول الحكومة اللجوء إلى الموارد الذاتية و بعد الخلافات التي وقعت بين الشركاء، شهدت الأوضاع الاقتصادية غلاءً طاحناً، وفي ظل تمسك حكومة الخرطوم بالاستمرار في تنفيذ إصلاحات صندوق النقد الدولي.

خارطة طريق

وفي ذات الأثناء أعلن رئيس الفريق الاستشاري لخطة العمل د. خالد التجاني عن إطلاق خطة عمل (730) يوماً للإصلاح الاقتصادي تهدف للإسهام في تشكيل خارطة طريق  للإصلاح الاقتصادي والمؤسسي ، لافتاً إلى أنها خطة استجابة سريعة محددة الأجندة وقابلة للتطبيق لمساعدة الحكومة  المدنية الانتقالية المقبلة لتنفيذها خلال مدتها المقدرة بعامين لتعود بالنفع على المواطنين في كافة أنحاء البلاد ، ونبه إلى أن هذه المبادرة ثمرة (مركز المشاريع الدولية الخاصة)  وضمن الجهود التي يسهم بها في دعم استعادة الإنتقال في السودان، وتعزيز قدرة الحكومة المدنية الإنتقالية المقبلة ، في إنجاز الإصلاحات والمؤسسية الملحة، لتحقيق الإنتعاش الاقتصادي .

وعرج التجاني  قائلاً  : إن منهجية البرنامج وضعت في الإعتبار  الخطط والبرامج والتوصيات التي شرعت الحكومة الانتقالية السابقة في تنفيذها، لاسيما البرنامج الثلاثي للاستقرار والتنمية الاقتصادية 2021، 2023م والبرامج الأخرى التي بادرت بها العديد من الأطراف ، مشيراً إلى أن ورش العمل خضعت للمراجعة والتقييم والتحديات وأسباب، الإخفاق التي واجهت تطبيق وتحليل الأوضاع الراهنة ، وخلصت إلى توصيات مدروسة تشكل العمود الفقري للخطة ، وتابع هناك قضايا ذات خصوصية تم التداول حولها في كل المحاور ، شملت مسائل النوع ، والشباب ، والبيئة .

وقال هناك جملة استحقاقات تم التأكيد على ضرورة توفرها لضمان نجاح تنفيذ الخطة ، وشدد على أهمية القيادة، الإرادة السياسية، التوافق على مسار الإصلاح الإقتصادي ، الحوكمة، محاربة الفساد ،وقال التجاني أن البرنامج حدد أربعة محاور رئيسية منها ، الركيزة الأولى وتمثل النمو الاقتصادي الشامل ، (التحديات والفرص) وهذا تناول إصلاح الاقتصاد الكلي ، بإعادة إدماج السودان في المجتمع الدولي، إصلاح الإدارة المالية والموازنة العامة ، الشركات المملوكة للدولة ، وإصلاح القطاع المالي والمصرفي ، وإصلاح النظام الضريبي والجمركي  أما الركيزة الثانية، الإصلاح المؤسسي والحوكمة، وتناولت قضايا مكافحة الفساد واسترداد الأصول العامة ، الشفافية والمساءلة، وإصلاح الخدمة المدنية ، أما الركيزة الثالثة ، الأمن الغذائي، الاقتصادي الريفي ، وغير المنظم ، وشمول الحماية الإجتماعية،  اما الركيزة الرابعة ، تعزيز مشاركة القطاع الخاص ، وتناولت قضايا مشاركة في صناعة القرار الإقتصادي، وتحسين بيئة قطاع الأعمال، والشراكة بين القطاعين العام والخاص .

استعادة الإنتقال

وأوضحت مدير مكتب مركز المشاريع الدولية الخاصة بالسودان ، د. شذى المهدي، أن الهدف من هذه المبادرة يأتي ضمن الجهود  التي يسهم بها المركز ، في دعم استعادة الإنتقال بالسودان، وتعزيز قدرة الحكومة المدنية الانتقالية المقبلة، على إنجاز الإصلاحات الاقتصادية والمؤسسية ، وأكدت شذى، على أهمية دور الإعلام في مشاركة الخطة للرأي العام، وتوسيع نطاق التداول حولها من قبل أصحاب المصلحة، كذلك ضرورة استمرار عملية التحديث والتقييم والمتابعة من قبل الخبراء والمهتمين بالشأن العام. وأمنت على الجهود المقدرة التي بذلها الخبراء المشاركون في أنشطة البرنامج حتى أثمرت هذه الخطة، ونوهنت إلى المشاركة المتميزة للمرأة  في المداولات التي غطت كل محاور الورش العلمية المتخصصة .

عدم توافق

وقال رجل الأعمال مامون قيلي ، أن مشاركة رجال الأعمال في السياسات والقرارات الاقتصادية،  لاتزال (كومبارس)، والمطلوب المزيد من النقاش والحوار، موضحا ان قوانين الضرائب والتعاونيات والسياسات المالية والنقدية لا يمكن مناقشتها، بمعزل عن القطاع الخاص ،وزاد نرغب أن نكون جزءاً من إعداد الخارطة المستقبلية للإقتصاد بالبلاد، بالتواقيت الآنية  والمتوسطة والمستقبلية، لافتاً إلى أن العلاقة بين القطاعين العام والخاص  يشوبها كثير من عدم التوافق، وتابع القطاع العام يرى (نفسه ولي الأمر )، في حين أن الريادة في كل إقتصاديات العالم ،تدار بواسطة القطاع الخاص.

ضعف القوانين

فيما قال وزير الاستثمار السابق الهادي محمد إبراهيم إنتشار الفساد المالي والإداري تسبب في إضعاف القوانين مما أدى إلى حدوث تجاوزات كبيرة في العملية الاستثمارية ، وكشف عن جملة تحديات أعاقت العملية الاستثمارية بالبلاد، أجملها في  ضعف البنيات التحتية بجانب النظام المصرفي والتعامل الشامل، مشيراً إلى توقف عدد كبير من التدفقات الاستثمارية بعد أحداث ٢٥ أكتوبر الماضي ، قال  الهادي وجود وزارة الاستثمار في حي سكني فضيحة .

محور السلام

ورهنت الخبيرة الاقتصادية رسائل عبدالله تحقيق السلام بإجراء الإصلاحات الاقتصادية ، وشددت على ضرورة تجاوز إخفاقات المرحلة الانتقالية ، وقالت تم رصد أكثر من (30) تحدياً ، منها عدم توفر الإرادة السياسية ، انتشار خطاب الكراهية ، وعدم توفر الأموال ، واستمرار الحروب في جنوب كردفان ودارفور ودعت إلى أهمية بناء شركات إقليمية لتوفير الدعم الفني والمادي ، وتابعت بدون خطط أو مشاريع كل الذي تم في الإتفاقية ليس له معنى ، وشددت على ضرورة حسم قضايا العنف في المناطق المتضررة بالحروب .

تحديات ماثلة

ونبه الخبير مكي الميرغني إلى التحديات الماثلة مواصلة فرض العقوبات على البلاد ، إضافةً إلى فقدان الشفافية، وضعف قدرات الجهاز التنفيذي للخدمة المدنية ، وقال تم التوصل إلى توصيات تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية تركز على العمل وعودة العلاقات وتحقيق رقابة وزارة المالية على المال العام .

وجزم بأهمية القطاع الخاص بيد أنه قال التحدي في مزاحمة الشركات (الرمادية)  والإنضمام للتجارة العالمية ، بجانب ضرورة إنهاء الشركات المملوكة للدولة وإجراء الإصلاحات اللازمة ، وفي محور إدارة المالية والموازنة ، شدد مكي على ضرورة أن تكون الميزانية شاملة ، وقال موازنة 2023م ليست شاملة ،وتم إكتشاف (13) قانوناً يتعارض مع ولاية المالية للمال العام وهذا سبب تأخير إجازتها، وإنتقد عدم وجود رؤية تنموية ، أو قناة لاستقطاب العملات الأجنبية.

فرص استثمار

فيما  أمن المدير الإقليمي لأفريقيا في ( CIPE) السيد لارس بنسون على شروط التحول الإقتصادي بالسودان وكيفية إدماج الاقتصاد السوداني مرةً أخرى في الاقتصاد العالمي والبحث عن ما يجب فعله من أجل خلق فرص للاستثمار في السودان، وما  هي التغيرات الهيكلية التي يتعين إجراؤها في السودان، داعياً إلى ضرورة النظر إلى التحديات وكيفية تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر إبتكارات متعددة، مطالباً بأهمية إشراك المجتمع المدني والاقتصادي وتوحيد الجهود من أجل دفع الاقتصاد.



شارك هذه المقالة