الخرطوم : نجلاء عباس – هالة حافظ
أعلنت وزارة المالية عن استضافة إجتماع مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في دورته رقم (114) في الأسبوع الثاني من ديسمبر الجاري بالخرطوم عقب تقديم وزير المالية جبريل ابراهيم دعوة لاستضافة الاجتماع هذا العام بعد أن ترأس الدورة السابقة رقم (113) بجمهورية موريتانيا ، ويهدف الاجتماع الى تكامل رؤوس الأموال العربية مع الموارد الطبيعية ذات الميزات النسبية في السودان لتحقيق مبادرة الأمن الغذائي العربي ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن هذا الاجتماع لا يؤدي اي دور في مساعدة السودان بل يهدف إلى فتح ابواب الاستثمار لدول وجهات في العالم العربي وذلك بنهب موارد السودان خاصة الزراعية بدليل ان السودان يعاني من نقص حاد في الغذاء والدول التي تحصلت على ميزات زراعية خصصت الاستثمار لصالحها ولفترات طويلة تصل الى ٩٠ عاماً معتبرين أن هذا الأمر يعتبر تقنينا لوجود بعض الاستثمارات العربية المشبوهة.
استثمارات مشبوهة
ويرى الخبير الاقتصادي كمال كرار أن اجتماع المجلس مع وزراء المالية العرب تأتي في إطار مساعدة السودان اقتصادياً ولكنها على أرض الواقع لم تؤد اي دور في مساعدة السودان، واشار في حديثه لـ (الخرطوم24) الى أن هذه الاجتماعات تعتبر مواصلة لفكرة الجامعة العربية فيما يخص مواصلة الاستثمارات العربية في السودان، وجزم كرار على أن الهدف فتح أبواب الاستثمار لدول وجهات في العالم العربي وليس تقدُم او تطور الاقتصاد السوداني وإنما نهب موارده خاصة الزراعية ، مشيرا إلى أن هذه الاجتماعات بدأت في فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير وذلك بهدف أن يصبح السودان سلة غذاء العرب ومايؤكد ذلك أن السودانيين يعانون الجوع والفقر وأضاف : الاستثمار في الاراضي الزراعية كان اقرب للنهب منه للاستثمار لصالح السودان، بيد أن الدول التي حصلت على ميزات زراعية خصصت الاستثمارات لصالح أمنها الغذائي مثل شركات الراجحي وغيرها والتي تحصلت على امتيازات طويلة الأمد تصل إلى أكثر من ٩٠ عاما ، واشار الى ان المقصود من هذه الاجتماعات تخصيص الامكانيات الزراعية في. السودان للمستثمرين العرب كما جاء في بروتوكولات الجامعة العربية مع السودان ، واردف : كان من المأمول عقب الثورة السودانية أن تتم مراجعة تلك الاستثمارات لكنها لم تحدث وظل الحال على ماهو عليه والآن هذا النوع من الاجتماعات يعتبر تقنينا لوجود بعض الاستثمارات العربية المشبوهة ماقبل الثورة ، وأبان أن تفاوضهم مع الحكومة السودانية في ظل وضع الانقلاب الحالي يؤكد هدف هذا النوع من اللقاءات وهو اعترافهم بهذا الانقلاب العسكري والمؤكد أن هذه الاجتماعات لاتصب في صالح الشعب السوداني.
خطوة للأمام
وفي المقابل ابان الخبير الاقتصادي محمد الناير أن السودان سيستفيد من اجتماع مجلس الوحدة الاقتصادية العربية لجهة انه قبل خمسة أعوام دُرست مشروعات لتأمين الغذاء بتمويل من قبل الجامعة العربية ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية وقد كان هذا في إطار المبادرة المطروحة من قبل السودان والسعودية وتم تجديد هذه المبادرة في القمة العربية الأخيرة التي عقدت في الجزائر باعتبار أن السودان يسهم في التأمين الغذائي العربي واكد الناير لـ (الخرطوم24) أن هذا الاجتماع يمكن أن يؤدي إلى خطوة للأمام في توفير التمويل والاستثمار للسودان لجهة انه يمتلك موارد طبيعية ضخمة في باطن وظاهر الأرض وبإمكانه إحداث تحول لكنه يحتاج إلى أموال واستثمارات عربية وهذه الاستثمارات متوفرة في دول الخليج العربي للصناديق السيادة التي تتبع لدول الخليج ويصبح بذلك الاجتماع ذا أهمية كبرى حال أفضى لاتخاذ قرارات ايجابية وخطوات للأمام في تأمين الغذاء العربي واستطاع أن يوجد الاستثمارات اللازمة التي يمكن ان يتم استثمارها في المرحلة القادمة خاصة وان الحرب الروسية الاوكرانية أدت إلى تعقيدات كبيرة في المشهد وتعقيدات في امداد سلاسل الغذاء لذلك أصبح السودان محور اهتمام إقليمي ودولي بما لديه من إمكانيات وموارد طبيعية ضخمة.
سلبيات الاستثمار
ويقول العميد الاسبق لكلية الاقتصاد بجامعة النيلين بروف كمال احمد يوسف لـ(الخرطوم24) ان الهدف من تلك الاجتماعات لوزراء المالية العرب هو استقطاب رأس المال العربي واشار الى اهمية ان يتمكن السودان من الاستفادة بالاستغلال الامثل للموارد الطبيعية من اراضي زراعية خصبة غير مستغلة والاستفادة من الثروة الحيوانية وكذلك الاستثمار في التعدين والتنقيب عن البترول. بالإضافة الى دعم السودان بعد توقيع الاتفاق الاطاري. وقال ان من خلال تلك الاجتماعات سوف يتم مناقشة قوانين الاستثمار في السودان ومعالجة سلبياته لتشجيع المستثمر العربي. و شدد على ضرورة تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي من خلال تشكيل حكومة كفاءات مستقلة متفق عليها وجعل قوانين الاستثمار مشجعة.
تنوع مشاريع :
وفي ذات الاتجاه يقول المحلل الاقتصادي د. عبدالعظيم المهل (للإنتباهة) حتى يأتي الاجتماع اكله لابد من الاستعداد له جيدا وبطريقة علمية بواسطة خبراء مختصين في المجال كما لابد ان تكون المشاريع المطروحه آنية ومنتجة ومخططا لها وفقا لدراسة جدوى محكمة تجمع كافة المحاور الاقتصادية والسياسية والامنية والبيئية ومدروسة بصورة دقيقة وشدد على ضرورة تنوع المشاريع ( زراعية ، حيوانية ، صناعية ومشاريع استثمارية جاذبة) حتى تلبي رغبات المستثمرين العرب مع اهمية تفعيل قوانين الاستثمار وتسهيل الاجراءات .
الكرة في الملعب :
وفي المقابل قال الخبير الاقتصادي د. الفاتح عثمان لـ(الخرطوم24) ان السودان قدم منذ العام 2015م مبادرة السودان للامن الغذائي العربي وقد وافقت عليها الجامعة العربية في عدة مؤتمرات وقد تبنى مؤتمر القمة العربية في الجزائر رسميا تلك المبادرة ووافق على انفاق 50 مليار دولار في السودان في خلال العشرة أعوام القادمة وقدمت دول عربية عديدة مشروعاتها للامن الغذائي العربي في السودان فتم تقديم مبادرة الامير محمد بن سلمان لاستثمار خمسة مليارات دولار في السودان ومبادرة الامارات للاستثمار في وادي الهواد لزراعة نحو مليون فدان وتوجد وفود جزائرية زارت السودان لمعرفة كيفية الاستثمار الزراعي في السودان ومبادرات من الاردن وقطر .
واضاف الفاتح انه بشكل عام السودان موعود باستثمارات عربية ضخمة معظمها سيصب في القطاعين الزراعي والحيواني ان قام السودان بتهيئة مناخ الاستثمار ليكون اكثر ربحية وبه ضمانات قانونية واضحة للمستثمرين مع مراعاة حقوق الأهالي ومصالحهم
وهذا يعني ان الجامعة العربية قامت بما يجب عليها والكرة الآن في ملعب العرب.
أدراج الرياح
وفي ذات الأثناء قال المحلل الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية د محمد نور كركساوي (للإنتباهة) ان الخرطوم ستستضيف الاجتماع بمشاركة كبار المسئولين والمختصين إلى جانب مشاركة الوزراء والوكلاء والمندوبين الدائمين وسفراء الدول الأعضاء ، بينما تضطلع المالية بمهمة التحضير للاجتماع والتنسيق بين كآفة الأجهزة الحكومية بما يضمن نجاح الاجتماع وتحقيق أهدافه .
ووضح كركساوي ان المكاسب التى سيحققها السودان والمطلوب لجذب هذه الاستثمارات العربية واستغلال الفرص المتاحة بالسودان بعد الاصلاحات الاقتصادية التي قامت بها وزارة المالية والبنك المركزي السوداني مؤخرا بناء على طلب البنك الدولي وصندوق النقد ورغما عن أنها لم تكتمل في جوانب كثيرة تشمل نظم الحوكمة ، المعلومات، الشفافية، المساءلة ومفوضيات الفساد وغيرها من بنيات اساسية .. إلا أنها تعطي المستثمرين من الدول العربية وغيرهم الفرصة للتعامل عبر القنوات الرسمية خاصة بعد استقرار سعر الصرف ومرونة التحاويل المباشرة عبر البنوك المحلية رغما عن ضعف امكاناتها في توفير المقابل الاجنبي عبر مراسليها الخارجيين والمحليين وكما لا يوجد دعم من البنك المركزي المحلي . وقال أن الجانب السياسي وهو (الوجه الآخر من العملة) غير المستقر يظل حجر عثرة امام اي تقدم تنموي أو اي استثمارات تؤدي إلى اكتفاء ذاتي لنا ولغيرنا مهما تعاظمت الجهود وحسنت النوايا . لافتا الى ان للوحدة الاقتصادية العربية تجارب مريرة في استثماراتها بالسودان منذ إنشائها في عام ١٩٥٧م وحتى اليوم ففي العقدين الاولين من إنشائها ركزت استثماراتها على ساحل حوض البحر الابيض المتوسط وبخاصة مصر ثم تحول تركيزها إلى السودان منذ سبعينات القرن الماضي وبخاصة عهد نميري فانشأت الطرق ، المصانع والمزارع وأهمها طريق الخرطوم بورتسودان، مدني الدمازين وغيرها، وكذلك مصانع الغزل والنسيج ، السكر، الدواجن وغيرها . وقال متسائلا اين تذهب تلكم المشاريع ولماذا ذهبت ادراج الرياح ولم يستفد منها أصحابها ولا اهل السودان. فحري بلجان الوحدة الاقتصادية العربية ، وزارة المالية السودانية مع وزارة الاستثمار دراسة أسباب فشل مشاريع الهيئات العربية في السودان أولا قبل الدخول في مشاريع جديدة في ظل عدم الاستقرار والمخاطر الواضحة للعيان.

