كمال كرار لـ (الخرطوم24): على الوزراء تقديم استقالاتهم


 

حوار: هالة حافظ

هاجم عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوداني والخبير الاقتصادي كمال كرار وزراء الحكومة الانتقالية، لجهة ان السياسة التي تنفذها الحكومة هي التي أدت الى السوء في المستوى المعيشي، مشيراً في هذه المقابلة مع (الخرطوم24) الى حالة الشلل الكامل في القطاعات الإنتاجية، مؤكداً أن من يدفع ثمن هذه الأزمة المواطن الفقير ذو الدخل المحدود، وذلك لعدم وجود سياسة لتحسين قيمة الجنيه السوداني او تقليل الأسعار بدعم السلع الأساسية لتقليل نسبة التضخم، وقال إن التضخم ضريبة قهرية على الفقراء وليست على الاغنياء.. فإلى مضابط الحوار:
* حدثنا عن الوضع الاقتصادي الراهن ومآلاته؟
ــ الاقتصاد في هاوية ويشهد ازمة عميقة تعبر عن نفسها في الحالة المعيشة التي يعاني منها الناس وحالة الشلل الكامل في القطاعات الإنتاجية، ونحن اشبه بحالة اللادولة بعدم وجود تقدم اقتصادي وتراجع كبير في الاقتصاد على كافة المستويات، ونحن في خضم الأزمة الاقتصادية منذ ما قبل انقلاب (٢٥) اكتوبر، ويدفع ثمن هذه الأزمة المواطن الفقير ذو الدخل المحدود.
* ما رأيك في الاتهام الموجه لوزير المالية حول سحب أربعة ترليونات من أموال المسؤولية المجتمعية؟
ــ صفة وزير المالية الأساسية وزير مالية الانقلاب، وعليه كل التصرفات غير قانونية بما فيها المسؤولية المجتمعية، وسيواجهه بها الشعب وسيحاسبه ومعه آخرون حساباً عسيراً عقب إسقاط هذا الانقلاب، وهو يأتمر بأوامر الانقلاب بالتوجيه العسكري، وعليه فإن كل التصرفات غير القانونية، او التصرف في المال العام بما فيه سحب أموال المسؤولية المجتمعية، وسيواجه بها بعد إسقاطهم، وبعد ذلك ما بينه وبين الشعب القانون.
* وزير التجارة تحدثت عن أن مرتبها غير كافٍ وتكمل المتبقى من الشهر لتغطية المنصرفات بالحوافز والنثريات.. ما هي قراءتك لهذا التصريح؟
ــ السياسة التي ينفذها الوزراء هي التي أدت إلى هذا السوء في المستوى المعيشي، واذا عندهم شوية كرامة من المفترض أن يستقيلوا ولكنهم لا يفعلون ذلك، واحوالهم مع الانقلاب (عسل على لبن)، وشكواهم من الأحوال المعيشية لعب على الشعب السوداني، وهم جزء لا يتجزأ من الانقلاب.
* ما هي أسباب غلاء المعيشة من وجه نظر اقتصادية؟
ــ الاقتصاد لا يفصل عن السياسة. والسياسات الاقتصادية بعد الثورة وقبل ذلك لم تكن في صالح الغالبية العظمى من المواطنين أو محدودي الدخل او العاجزين عن الكفاف، وهذه السياسات كانت تصب في خدمة شريحة محددة اقل من ١٠٪ من المواطنين، وهذا الحديث قبل الثورة، وتمثلت هذه السياسات في تعويم الجنيه ورفع الدعم عن السلع وخروج الدولة عن الاقتصاد ككل، مما اضر بالمنتجين والإنتاج ورفع سعر المنتج. وحطمت تلك السياسات اية قاعدة إنتاجية بالبلاد، واصبحت البلاد رهن السماسرة واللصوص والمستفيدين من مسألة التخزين والتجارة والاستيراد والتصدير وخلافه، وهذه السياسة ولدت التضخم بصورة غير مسبوقة، وبلغت نسبة التضخم ١٠٠ ــ ٢٠٠٪ في الشهر. وهذا نتاج للسياسة الحكومية المعتمدة على الضرائب والجمارك وزيادة أسعار السلع والخدمات، بجانب اعتمادها على هيكل الانفاق العام، إذ أن معظم الإنفاق يصب في الصرف على الأجهزة العسكرية الأمن والدفاع، وهذا الإنفاق لم يوفر اية موارد للإنفاق على الصحة او التعليم وخلافه، وقد أدى هيكل الإنفاق المشوه إلى هذا، إضافة إلى أن زيادة المرتبات بنسبة ٥٠٠٪ بطباعة العملة من دون أية مصادر حقيقية ولد التضخم نتيجة السياسات الحكومية، ولا توجد سياسة تكافح هذا النوع من التضخم، مع عدم وجود سياسة لتحسين قيمة الجنيه السوداني او تقليل الأسعار بدعم السلع الأساسية لتقليل نسبة التضخم، لذلك البلاد تسير على رزق اليوم باليوم، والتضخم ضريبة قهرية على الفقراء وليست على الاغنياء الذين يستفيدون من التضخم بمراكمة وزيادة ارباحهم لأنهم يتعاملون بالدولار، ومن يدفع الثمن الفقراء لجهة انهم يصرفون مرتباتهم بالجنيه السوداني وقيمته الشرائية تقل يوماً تلو الآخر بناءً على ارتفاع تكاليف الإنتاج والتضخم العالي وزيادة الدولار الجمركي، والجمارك التي تزيد أسعار المنتجات المستوردة، وسنبحر في هذه الدوامة إلى ان تتغير السياسات الاقتصادية والنظام السياسي.
* ما هو المطلوب من الحكومة الانتقالية لإنقاذ الوضع الاقتصادي المأزوم؟
ــ هناك مدرستان كان من المفترض اتباعهما بعد الثورة، اولاهما الاعتماد على الذات وترشيد الموارد والاتجاه للانتاج وعمل برامج تقشفية على الجميع وليس على الفقراء فحسب. اما المدرسة الثانية فهي تتحدث عن عدم المقدرة على الاعتماد على الذات وان يتم الاعتماد على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والسياسة الاقتصادية ذهبت على هذا النحو. وفي هذا الوقت حدث مزيد من التقسيم الاقتصادي ودفع الفقراء الثمن دون الحصول على الاصلاحات الاقتصادية المرجوة، والحل الوحيد ان تكون هناك سياسة اقتصادية بالداخل تركز على الفقراء، ومحاولة رفع الأعباء المعيشية والاستفادة من موارد الذهب في تمويل التنمية، ومحاولة إرجاع القطاع العام لدوره القيادي في الاقتصاد، اي شركات المساهمة العامة المسؤولة عن تصدير الموارد مثل الصمغ والقطن والحبوب الزيتية لجلب النقد الأجنبي للبنك المركزي، وكل الإنفاق الحكومي يحول لصالح التنمية والخدمات، وتوظيف العطالى وتحسين معاش الناس، وهذا الطريق الذي يمكن أن يحسن معاش الناس بالرغم من انه قد يصطدم بشروط صندوق النقد الدولي او البنك الدولي، لكن يصبح القرار بوجود المقدرة على إدارة الاقتصاد برؤية سودانية وقرار سوداني، ولا يوجد حل دون هذا لادارة الاقتصاد، وهذا الحل لن تتبعه الا حكومة وطنية ديمقراطية وليس الانقلاب.
* ما هي قراءتك لواقع معاش الناس في الموازنة؟
ــ لا توجد موازنة مؤسسة تم وضعها بقواعد علمية منذ الانقلاب، وما يوجد الآن هيكل الإنفاق بالإيرادات، ووضعه الانقلابيون عن طريق وزارة المالية او جبريل، وسمه مجازاً الميزانية، وهذه ليست ميزانية ويمكن ان نسميها ورقة تعبر عن المصروفات والإيرادات، ولكن لا يمكن أن تكون ميزانية لها أهداف وغايات، وبعد الانقلاب لا توجد وزارة او حكومة أو موازنة او اقتصاد او حتى وزارة، وما يوجد الآن فقط صرف لصالح الدفاع والامن بناءً على احتياجات الانقلاب.
* كيف تنظر لحال المواطن وتعاملاته مع السوق، خاصة ان هناك سخطاً من قبل المواطنين جراء ارتفاع تكاليف المعيشة؟
ــ المواطن في أسوأ حال الآن، لجهة انه أصبح لا يستطيع تغطية تكاليف المعيشة بشكل لا يمكن احتماله على الإطلاق، وهذا الأمر أدى لحالة الافتقار وارتفاع نسبة البطالة، وفي ظل هذا الوضع سيخلو السودان من الموارد البشرية لجهة ان القوى المنتجة به ستهاجر إلى الخارج، مما ينعكس سلباً على حال الاقتصاد السوداني، وهذا الوضع سيؤدي الى انتشار الجريمة واتساع رقعة الحروب القبلية والازمات الاجتماعية والسياسية، وهذا الوضع يستحيل ان يستمر على هذا النحو ولا بد من تغييره، ولن يتغير في ظل وجود سلطة انقلابية.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الخرطوم24 على تطبيق واتساب



شارك هذه المقالة