فك حظر التمويل المصرفي للعقارات والسيارات  .. هل تعيد ثقة العملاء ؟


الخرطوم: هنادي النور
أكثر من تسعة أعوم استمر قرار البنك المركزي القاضي بحظر التمويل العقاري والسيارات وذلك منذ عام ٢٠١٤م ، وبالأمس أصدر منشور  ألغى بموجبه  القرارات السابقة ووجّه بنك السودان المركزي في منشور أمس المصارف بالاستخدام الأمثل لمواردها المحلية في منح التمويل المصرفي لتحقيق الاستقرار المالي.
وحظرت الضوابط والموجهات، المصارف من المتاجرة في النقد الأجنبي وشراء الأسهم والأوراق المالية وسداد عمليات تمويلية قائمة أو متعثرة والمتاجرة في رصيد الاتصالات واستخداماته، بينما سمح للمصارف بتمويل الشركات والمؤسسات والهيئات التي تسهم فيها الحكومة بأية نسبة ملكية وفق الجدارة الإئتمانية للعميل، مع الإلتزام بكافة ضوابط التمويل واستيفاء الضمانات الكافية وتفادي أشكال تركيز التمويل، وأن يقتصر منح التمويل على القطاعات الإنتاجية وشراء الأراضي والعقارات عدا المسموح بها، وشراء السيارات والذهب ومخلفات التعدين والكرتة ومخلفات التعدين الأخرى، وتمويل التجارة المحلية والاستيراد عدا ما سمحت به الضوابط المنظمة والصادرة عن إدارة السياسات والإحصاء والبحوث بالبنك المركزي وتمويل الاستثمار المباشر لشراء المحاصيل الزراعية من الأسواق المحلية.
كما سمح بالتمويل بصيغة المضاربة المطلقة والمشاركة لأعضاء مجالس إدارات المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية ومجموعاتها الائتمانية، وتمويل التشييد العقاري شريطة أن تكون قطعة الأرض المراد تشييدها مملوكة للعميل طالب التمويل، وأن يقتصر التمويل على المستشفيات والمرافق الصحية والمدارس والجامعات والمنشآت التعليمية والسكن الشعبي والفئوي عبر المحافظ التمويلية المخصصة لهذا الغرض بواسطة صندوق الإسكان، وتمويل تحسين وصيانة المأوى في حدود مبلغ التمويل الصغير، على أن يكون المأوى مملوكاً للعميل طالب التمويل، بجانب تمويل تشييد مصانع الأدوية وخطوط الإنتاج وشراء المعدات والتجهيزات الخاصة بصناعة الدواء المنتج محلياً، كما سمح بتمويل التجارة المحلية لقطاع التمويل الأصغر وتمويل السيارات والحافلات والركشات والمواتر ثلاثية العجلات وتمويل الأراضي للأغراض الزراعية وتجهيزات أعمال الري وتمويل شراء الحبوب الزيتية، على أن يقتصر ذلك على مصانع الزيوت والأغذية وعمليات الصادر وتمويل المطاحن لشراء القمح المُنتج محلياً.

معضلة
وتباينت وجهات النظر في هذا القرار من قبل العديد من المسؤولين بالقطاع المصرفي وأعتبر البعض بأنه دون الطموح لجهة ان موجهاته ليست جديدة وإنما نسخة من الماضي.
وإنتقد البعض طريقة إرجاع الاموال للبنك بانها شبه تعجيزية وطالبوا برفع سقوفات التمويل الأصغر التي تصل إلى حدود ٧٥٠ الف جنيه فقط وطالبوا برفعها إلى 5 ملايين جنيه لتسهل على العميل بناء مشروع ، بينما يرى آخرون أن القرار سينعكس على الأوضاع الاقتصادية إيجاباً .
ونجد أن عدم استقرار السياسات النقدية والمالية كان لها أثر واضح على الأوضاع المالية المتمثلة في التضخم وعدم استقرار سعر الصرف
رغم أن الأسواق المصرفية العالمية شهدت تطورات متسارعة خلال الفترة الماضية ، ولكن لاتزال القرارات المتأرحجة لدى البنوك السودانية مابين المطرقة والسندان هذا الأمر إنعكس سلباً على اوضاع المصارف خلال الفترة الماضية أدى لإنعدام الثقة وهروب الرأسمالية بـ( الكاش ) خارج الجهاز المصرفي  الأمر الذي إنعكس سلباً على آداء بعض البنوك تجاه الإلتزام للعملاء.
لا جديد
وفي ذات الإتجاه أفاد مصدر  بأحد البنوك في تعليقة حول منشورات البنك المركزي قائلاً: لايوجد  جديد يذكر ، وتحسر على أوضاع البنوك خلال الفترة الماضية  بعجز عدد من البنوك حتى اضطرت إلى بيع أصولها لتفي بإلتزاماتها تجاه العملاء وقال تلك البنوك كانت مجبرة لبيع أصولها لكي لاتخرج من السوق .
وإنتقد سياسات البنك المركزي تجاه التمويل الأصغر جازماً بأن إرجاع الأموال للبنوك شبه تعجيزية وبالتالي يجب أن تكون هناك مرونة وضرورة زيادة سقف التمويل الأصغر الذي لايتجاوز ٧٥٠ الف جنيه ، وأعتبر ذلك غير كاف لبناء (دورة مياه ) وطالب بأهمية زيادة السقف إلى 5 ملايين جنيه. لكي يستفيد العميل في بناء مشروع ، وأردف أن البنوك تستخدم صيغا معينة ( المرابحة ) وهذه جافة جداً بالنسبة للعميل واستدرك بالقول ( كسر رقبة ) لازم تسدد في فترة زمنية محددة .
ودعا البنك المركزي إلى ضرورة التنوع في الصيغ التمويلية والمضاربات لصغار العملاء والمنتجين ، وانتقد المصدر قرارات ومنشورات البنك المركزي التي وصفها بدون الطموح مردفاً نفس القواعد القديمة ولايوجد جديد في هذه المنشورات ، وفيما يتعلق بالتمويل العقاري تم فتحه في حدود وهذا حديث استهلاك على الورق ولاتوجد أية إضافة جديدة وأعتبر هذا الحديث بأنه غير منطقي ، وأرجع بالقول استبشرنا خيراً في هذه القرارات ولكن ؟ لايوجد أي شيء مفيد ، وأردف ولانستطيع الإجابة على العملاء بشيء إيجابي لجهة أن قرار فك حظر التمويل إنحصر في أشياء معينة .
مؤكداً بأن هناك كوادر مؤهلة داخل البنوك ولكنها تصطدم بعقبات البنك المركزي التي لايمكن تجاوزها ،وطالب المصدر البنك المركزي بضرورة توسيع مظلة التمويل وعدم حصرها في أشياء محددة لكي تساعد في تنوع المشاريع لدى العملاء المستفيدين من التمويل .
وفيما يخص فتح تمويل العربات أوضح أن القرارات فقط سمح بذلك لوسائل النقل الدفارات للقطاع الزراعي أما العربات الصغيرة محظورة مضيفاً بأنه غالبية المواطنين في حاجة ماسة إلى عربات صغيرة وبالتالي فأن المنشور يعتبر دون الطموح ،وأعاب على البنك في تمويله للقطاع الزراعي والصناعي بأنها غير محفزة .

بداية انفراج

وأثنى مدير إدارة التسويق بالبنك الفرنسي د.طارق شدو على قرار بنك السودان قائلاً : رغم تأخره الا انه  قرار ممتاز خاصة في مجال التمويل العقاري بالتركيز على الإسكان الفئوي والشعبي مضيفاً أنه حرك حجراً في بركة وفيما يخص جانب السيارات أكد أنه هناك بعض التعقيدات مازالت موجودة لجهة أنه سمح فقط للشاحنات و(التكاتك) أما النقل الاستهلاكي مازال محظوراً وأضاف رغم ذلك بالتأكيد سوف يعود بالفائدة  بإضافة مصدر دخل ، وقطع شدو خلال حديثه لـ( الخرطوم24) أمس بوجود تحديات ومشكلات تواجه البنوك ، منها السيولة وجزم بأن تكلفة التمويل لاتتناسب مع التضخم وبالتالي تشكل عبئاً إضافياً ، واستدرك بالقول أن هذا القرار رغم تأخيره ممتاز وأضاف يجب أن تكون هناك وسيلة للمغتربين لجذب مدخراتهم لجهة أن لديهم طموحات عالية ، وذلك بتخصيص منتجات لهم وجذب مدخراتهم وأعتبر هذه القرارت بداية لإنفراج الأزمة .

هروب السيولة

وقال مصدر بالجهاز المصرفي فضل حجب اسمه استبشرنا خيراً  لقرار فك حظر التمويل لبعض المنتجات والتي تسببت في حالة ركود حاد بالسوق وكان لها أثر مباشر على السوق مما أدى إلى خروج الجهاز المصرفي من العملية المالية ، وهذا إنعكس سلباً على هروب السيولة وأصبح التداول خارج الجهاز المصرفي،
مبيناً أن قرار الحظر العقاري وتمويل السيارات  منذ عام ٢٠١٤ اما التجارة المحلية مابين ٤ الى ٣ سنوات وشملت هذا القرار كافة المحاصيل بغرض الصادر، وبموجب هذا القرار اصحبت الآن مفتوحة .
عقبات ماثلة
وجزم المصدر بأن هناك معوقاً اساسياً امام تنزيل هذا المنشورات على أرض الواقع وعزا ذلك لعدم توفر السيولة النقدية ، مقرا بخروج ٨٠ % من السيولة (كاش ) خارج النظام المصرفي واعتبر ذلك اكبر تحد، متسائلا ” كيفية استطاعة بنك السودان المركزي ووزارة المالية  في عودة الكتلة النقدية المتداولة خارج الجهاز المصرفي ، وقال هذا لايتأتى الا عبر قرارات مصرفية معينة تصدر من قبل البنك المركزي ووزارة المالية، وذلك بصدورهما قرارا سياديا وهو ضرورة تغيير العملة، وقطع بأنه ليس هناك مخرج مالم يتم تغيير العملة ، والا سوف تصبح هذه القرارات حبيسة لدى البنك ،  ولايتم تنفيذها على أرض الواقع .
ونبه المصدر الى ان الحسابات حاليا تكاد تكون شبة صفرية مبينا أن الطبقة الرأسمالية اتجهت الى شراء الدولار والعملات للمحافظة على مواقعها التجارية وبالتالي أصبحت هذه الطبقة تفك العملة بقدر احتياجها من النقد المحلي وتحتفظ ببقية المبلغ الاكبر بالعملة الاجنبية ، واستدرك قائلا ” للأسف يتم الاحتفاظ بها في تخصهم وليست بالمصارف او حساباتهم الشخصية واعتبر ذلك اكبر معضلة تواجه المصارف وذلك لعدم توفر الثقة بين العملاء والبنوك ، واضاف الأمر يحتاج الى تدخلات واصدار سياسات سيادية جديدة تتوافق مع الواقع الاقتصادي الجديد حتى يستطيع الجنيه أن يتعافى ويعود الى وضعه الطبيعي .

احتواء التضخم
وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي  لابد ان يكون هدف تلك السياسات المصرفية التي اقرها البنك المركزي سياسات مصرفية، ان تهدف إلى استقرار المستوى العام للأسعار باحتواء معدلات التضخم والنزول بمتوسط معدل سنوي معين ، وذلك للإسهام في تحقيق معدل نمو حقيقي في الناتج المحلي الإجمالي  وذلك بتوجيه المصارف لتمويل القطاعات الإنتاجية وكذلك توجيه موارد النقد الأجنبي لاستيراد السلع ذات الأولوية ومدخلات الإنتاج للقطاع الصناعي والزراعي والآليات والمعدات ، واضاف هيثم خلال حديثه لـ( الخرطوم24 ) امس في تقديري ليس بالامكان افضل من ذلك فهذه السياسات لم تصدر في ظل ظروف طبيعية، وإنما جاءت في ظل أزمات تواجه الاقتصاد السوداني ولكن لم يصدر البنك المركزي  قرارات تعمل لإعادة بناء الثقة في القطاع المصرفي بأي ثمن، حتى تعود الدورة الاقتصادية لطبيعتها.
فهناك بطء في اتخاذ الإجراءات التي تؤدي إلى حلول للأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، نتيجة لعدم الاستقرار والسياسي والاستقرار الأمني ،  ففتح التمويل العقاري وتمويل السيارات ، في هذه السياسات المصرفية الجديدة التي أقرها البنك المركزي، يمكن ان يساهم في انعاش قطاع الإنشاءات والمقاولات، بخلق فرص عمالة جديدة في هذا القطاع الاقتصادي الكبير الذي يعاني ركودا  وتحريك سوق العمل السوداني عموماً ،  مضيفا ان فتح تمويل السيارات سيوفر مصدر دخل إضافي للاسر السودانية ويعمل على مكافحة الفقر كذلك تحريك سوق قطع غيار السيارات . وقال على البنك المركزي معالجة انخفاض قيمة الجنيه السوداني وارتفاع معدلات التضخم بمنأى عن هذه القرارات.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الخرطوم24 على تطبيق واتساب



شارك هذه المقالة