عجز الحكومة عن صرف المرتبات  ….هل (أفلست) الدولة ؟؟؟

عجز الحكومة عن صرف المرتبات  ....هل (أفلست) الدولة ؟؟؟


الخرطوم : هنادي النور: هالة حافظ

تفاقم وضع الحكومة المجهول الذي عطل الوضع الاقتصادي الذي استمر في تدهور منذ ثورة ديسمبر الى الآن.
ونجد ان اقرار الدولة بالعجز امر مخيف بحسب ماصرح نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو  امس متأسفا على الوضع الراهن الذي عجزت فيه الدولة عن سداد المرتبات ، هذا الحديث بمثابة صدمة كبيرة .
وتباينت رود الفعل من قبل المهتمين بالشأن الاقتصادي تجاه ما أعلنه ” دقلو ” بشأن عجز الدولة .
وتأتي هذه التصريحات بعد التدهور الاقتصادي الذي تشهد البلاد حاليا ، رغم تصريحات القائد الأعلى سابقا الذي وعد بتحسن الوضع المعيشي ، ولكن تظل الآمال عالقة ويبدو ان شبح الانهيار اصبح وشيكا .

ماهي الموازنة؟

تمثل الموازنة العامة بيانات لتوقعات ماتنفقه الدولة وماتحصل عليه من ايرادات خلال فترة زمنية قادمة ، وعندئذ فان بنود النفقات والايرادات وحجمها ماهي إلا برامج عمل الدولة خلال الفترة المحددة له ، حيث تنعكس سياسة الدولة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

تحديات ،،
حيث واجهت موازنة العام ٢٠٢٣ بكثير من التحديات ، منها تحديد المسبق لسقوفات الانفاق والاولويات ، وضعف الايرادات من الناتج المحلي الاجمالي ،بجانب تواتر تدني معدلات النمو الاقتصادي ، وتنامي معدلات التضخم الجامح ، وتزايد معدلات الفقر .

جملة من التحديات والاشكالات بسبب تقلبات الاوضاع السياسية بالبلاد جعلت الاقتصاد بين المطرقة والسندان وانشغال الجهات المسؤولة بأمر السياسة وفي ذات الاثناء حذر خبراء الاقتصاد من بوارد انهيار اقتصادي في القريب العاجل .

الضرائب بلغت الحلقوم ،،

وفي ذات الاثناء تحدث الخبير الاقتصادي بروفيسور محمد شيخون معلقا على حديث ” دقلو ” قائلا ان  العجز عن سداد المرتبات لايحتاج الى تصريح من مسؤول؟ واستدرك قائلا ” الدولة عاجزة عن السداد هذه حقيقة والدليل على ذلك خلال شهر يناير لم تعلن اذن صرف واضاف عجز الدولة او عجز الإيرادات العامة عن الوفاء بمخصصات المرتبات فهذه حقيقة لاتحتاج الى تصريح من احد ، بدليل ان اذن الصرف ،وموازنات التسيير للجهات الرسمية لم تصل الا بعد الأسبوع الأول من شهر فبراير ، وغير معروف ان كانت الجهات تستطيع ان تفي بهذا المطلوبات، اما الاستدامة لا تخبر الا بمرور الزمن وربما يستطيعون تغطية الا شهر متسائلا ماهو الحل ؟ واردف وزارة المالية لاتفكر الا في اتجاهين، زيادة الضرائب والاستدانة من الجهاز المصرفي ، ومن ناحية زيادة الضرائب قد بلغت الحلقوم وعدم استطاعة غالبية المواطنين لمواجهة الزيادات وقد نفذت اما الاستدانة وتعني مزيدا من التضخم ، وقال شيخون ان الحل يحتاج الى نظرة اكثر اتساعا وعمقا .
وجزم شيخون قائلا ” إن البلاد تعيش اكثر من عام ونصف بدون حكومة وبدون سياسات مالية ، ونقدية مدروسة ، وايضا بدون سلطة تشريعية تنفيذية خلال الفترة الانتقالية ، وهذا اتجاه لخطى متسارعة لانهيار اقتصادي ولايمكن ان يحدث انهيار في النظام النقدي والا تسبب في انهيار اقتصادي.

أمر خطير ،،

فيما استنكر الخبير الاكاديمي د. عبدالعظيم المهل تصريحات نائب رئيس مجلس السيادة باقراره بعجز الدولة عن سداد المرتبات قائلا ” مثل هذه التصريحات مضرة بالاقتصاد وان المسؤولين يصرحون بها ولايدركون عواقبها ، واضاف المهل في حديثة لـ (الخرطوم24 ) امس ان الاقرار بذلك امر خطير جدا ” واستدرك قائلا ” قاعدين ليه ” اذا الدولة عجزت عن ابسط شيء ، الفصل الأول وانها مفروض عليها التسيير والرأسمالية ، والتنمية ، مردفا كان الافضل ان يتم مثل هذه التصريحات وان تسعى الدولة الى حل هذه الاشكالات عبر الاستدانة من النظام المصرفي ، وقال المهل الدولة رفعت الدعم عن كل شيء ، كان ينبغي ان تحل ذلك بهدوء ، واكد ان الرواتب الحالية ليس بها اشكالية لجهة ان هناك من صرف وغدا سيتم الصرف لبعض المؤسسات، واردف قد تكون الدولة لاتستطيع على الزيادة المتتالية للقطاعات المختلفة ، وارجع عدم الصرف خلال شهر يناير بسبب تأخر  المالية لحين اجازة القوانين، بيد انه ذكر ان الوضع الاقتصادي الحالي مضطرب بسبب الاضطراب السياسي واضطراب السياسات والتي تحتاج الى دولة قوية واضاف اذا جاءت ديمقراطية ستواجه بكمية اضرابات ومطالبات.

الصرف على المليشيات :

وقطع الخبير الاقتصادي كمال كرار بعجز الدولة عن دفع المرتبات او توفير الخدمات او الادوية ، واكد في حديثه لـ (الخرطوم24) أن العجز ناتج عن أن معظم الإيرادات العامة تصب في قطاعات الأمن والدفاع وذلك لجهة وزارة مالية الانقلاب تخدم  حكومة الانقلاب  ، مشيرا إلى أن جميع الكتائب المدرعة يتم الصرف عليها على حساب الدولة ، ولذلك الحكومة تعجز عن الصرف على اي جهة بخلاف الأمن والدفاع ، مبيناً أن هذا النهج قديم منذ عهد الرئيس السابق عمر البشير وبعد الثورة ايضاً استمر الإنفاق العسكري الذي ينفق عليه بأكثر من ٧٥ ٪ من الميزانية العامة  ونتج عن ذلك الاضرابات والاحتجاجات في جميع القطاعات ،وأضاف : حتى القطاعات التي تصرف مرتبات أصبحت مرتباتهم لاتسوي شيئا  مقابل هذا  الغلاء ،  وتوقع كرار عدم تحسين الاقتصاد مالم تكن هناك سياسة اقتصادية جديدة عقب انتهاء الانقلاب لان جميع الأموال متجهة نحو الصرف على المؤسسات العسكرية والحركات المسلحة والمليشيات بصورة مبالغ بها   ، مؤكدا على أن الأزمة الاقتصادية ناتجة عن الأزمة السياسية ، واردف : وزارة المالية حال تحدثت عن دفع المرتبات بنسبة ٨٤ في المائة  او مائة في المائة فأنها تحاول التبرير والانكار ، وعلى أي حال وزارة المالية متوجهة الإيفاء بمتطلبات الانقلاب ، ورهن قِصر او طول  الوضع الحالي بناءً على حركة الشارع ،  وحال استمر الانقلاب سيستمر الحال على ماهو عليه.

ضائقة إيرادية :

ويشير رئيس قسم الدراسات الاقتصادية الفاتح عثمان إلى  تصريحات الفريق أول دقلو بأن الدولة عاجزة عن دفع مرتبات العاملين  في مناسبة اجتماعية في مدينة بحري معتبراً  عن غضبه من تلكؤ العملية السياسية الجارية الآن ومؤكداً وقوفه بشكل كامل معها ولذلك جاءت تصريحاته عن عجز الدولة عن صرف المرتبات متسقة مع غضبه من عدم التحاق وزير المالية جبريل ابراهيم بالاتفاق الاطاري.
وأبان في حديثه لـ (الخرطوم24) ان الدولة تعاني بالفعل من ضائقة حقيقية في الايرادات في بداية العام الحالي لكنها لم تصل الى مرحلة العجز عن دفع المرتبات بل تسببت في تأخير صرفها وفق مصادر في المالية وسيتم صرف المرتبات في الاسبوع القادم والسبب هو تأخر اجازة الموازنة العامة والذي نتج عنه ضعف انسياب الايرادات للمالية .
وعليه موقف الحكومة  المالي بعيد كل البعد عن الافلاس في ظل خروجها عن الدعم السلعي واكتفائها بسداد المرتبات ومالية التسيير.

تأخر غير طبيعي :

ويرى الخبير الاقتصادي هيثم فتحي أن  الموظفين  واسرهم  التي يعيلونها يكابدون  شظف العيش ويتجرعون المعاناة بكل تفاصيلها جراء تأخر صرف مرتباتهم الشهرية ، وقال في حديثه لـ (الخرطوم24)   ان الأزمة الاقتصادية اثقلت كاهل المواطنين من خلال ارتفاع أسعار العملات الأجنبية وغلاء المعيشة وعدم صرف رواتب الموظفين في القطاعات الحكومية ونجم عن ذلك حالة تذمر وسخط كبيرين فهي قضية اقتصادية وإنسانية، باعتبار الرواتب مصدراً أساسياً للدخل.
واشار هيثم إلى أن التأخر غير طبيعي حتى الآن، وهو ضمن الفترة غير المقبولة بين 5و10 من كل شهر، رغم أن هذا لم يحدث في الأشهر الماضية،  وتساءل قائلاً :
فهل التمويل موجود وجاهز؟
وهل التأخير بسبب إجراء إصلاحات مرتبات الموظفين، وزيادة الرواتب ؟
وتابع : من المهم أن يعلم العاملون في الدولة أن الحكومة في وضع اقتصادي يسمح لها ان تبدأ في توزيع الرواتب والسيولة متوفرة والتمويل موجود، وفي ذات الاثناء قال ان
حجم الدين الخارجي للبلاد بلغ حوالي 60 مليار دولار، معظمها متأخرات لصندوق النقد الدولي وباقي دائنيه نادي باريس.
ونبه الى انه بعد قرار تعويم الجنيه السوداني، تراجعت قيمة العملة  المحلية، من 55 جنيها للدولار الواحد إلى حدود 590  جنيها للدولار، وأدى انهيار العملة ورفع الدعم عن الوقود وسلع اساسية اخرى إلى تفاقم التضخم في السودان ليصل لأرقام فلكية.

عجز الدولة ،،
ووصف عميد كلية الاقتصاد السابق بجامعة النيلين .بروف كمال احمد يوسف بأن  هذا التصريح  خطير ويعبر عن عجز الحكومة في ادارة الدولة ويطالب دقلو الجميع بالوقوف مع الاتفاق الاطاري ولاتعجبه مبادرة القاهرة وقالها صراحة انهم يعولون على الدعم الخارجي في تمويل النفقات العامة وسد عجز الموازنة فقد وعدوهم بالدعم شريطة التوقيع على الاتفاق الاطاري. فهؤلاء لايفكرون الا في الدعم الخارجي نتيجة فشلهم في ادارة اقتصاد البلد.  وكلامه من باب البلاغة لان الفصل الأول يتم تمويله من الضرائب والجمارك والرسوم الحكومية.



شارك هذه المقالة