طبقت الهيئة القومية للطرق والجسور قرار وزارة المالية بزيادة رسوم العبور بين الولايات للسيارات العامة والخاصة بنسبة (600%), ووفقا للزيادة الجديدة سترتفع الرسوم على سبيل المثال من الخرطوم إلى بورتسودان سترتفع من (5) آلاف جنيه إلى ( 35) ألف جنيه سوداني للشاحنة الأمر الذي رفضه اتحاد غرف النقل، واعتبرته كارثة، خاصة أن الزيادة تأتي في ظل التدهور المريع الذي يواجه قطاع النقل البري وخروج شركات وعمالة من قطاع نقل البضائع والركاب لسبب تجاهل وزارة المالية معالجة مشاكله.
وأشارت غرفة النقل في بيان لها، إلى أن القرار اتخذ دون الرجوع والتشاور مع الاتحاد للتوافق حول زيادة رسوم العبور بنسبة معقولة، علماً بأن الزيادة السابقة، التي تم التوافق عليها بين الطرفين، كانت لمقابلة صيانة الطرق و لم تنفذ حتى الآن.
مناهضة للقرار
من جانبه وجه اتحاد غرف النقل منسوبيه في قطاع النقل البري من أصحاب اللواري والبصات والحافلات والأفراد للالتزام بسداد رسوم العبور القديمة فقط، وتأسف الأمين العام لاتحاد غرف النقل صلاح إبراهيم في تصريح له لوسائل إعلام محلية تأسف على الأوضاع التي آل إليها القطاع بسبب المعوقات الكبرى التي تواجه رسوم العبور وجزم بأن القطاع يشهد تدهورا كبيرا بارتفاع تكاليف التشغيل مما أدى إلى خروج أكثر من 10 آلاف شاحنة عن العمل من جملة 22 ألف شاحنة مملوكة لشركات وأفراد، وحمّل هيئة الطرق والجسور مسؤولية زيادة رسوم العبور إلى 600% ليصل سعر ترحيل الطن من بورتسودان إلى الخرطوم بالشاحنة سنقل الى 70 ألف جنيه بدلا عن 10 آلاف جنيه.
هذا ويأتي قرار زيادة رسوم العبور في ظل التدهور المريع للاقتصاد السوداني والسياسات المتخبطة التي أقرتها وزارة المالية بالاعتماد على الموارد الذاتية وجيب المواطن لسد الثغرات والإخفاقات وعجز الموازنة المتزايد الذي تحاول وزارة المالية سده على حساب المواطن الذي طحنته الضغوط المعيشية المتزايدة يوما بعد يوم، وهذا ما أكده الأستاذ محمد عثمان الرضي الكاتب الصحفي والمحلل السايسي في تصريح (للطابية) واصفا القرار بأنه متوقع لاعتبار أن ميزانية الدوله انبنت على الرسوم والجبايات من جيب المواطن، كذلك رفض الرسوم كانت متوقعة من غرفة النقل لاعتبارها الأكثر تضررا، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع معدلات التضخم وتوجهات الدولة نحو زيادة المواعين الإيرادية بالضغط على المواطن، وذلك من خلال تعدد وتنوع الرسوم في شتي مجالات الحياة. واستنكر الرضي سياسية الدولة في حل مشكلاتها الاقتصادية بزيادة المواعين الإيرادية اعتمادا على الرسوم والجبايات في بلد كالسودان يعج بالإمكانيات الأقتصادية الضخمة، مشيرا إلى فشل الحكومة في ابتكار موارد جديدة ولجوئها للحلول السهلة المتمثلة في فرض الرسوم على المواطن مما يعكس مدى عجزها.
تدهور القطاع:
إن مثل هذه القرارت التي أصدرتها وزارة المالية برفع قيمة رسوم المعابر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد والركود العام بسبب تدني الإنتاج، تُسهم في تفاقم الضغوط المعيشية على المواطن! وهذا ما أشار اليه الدكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي في تصريح لشبكة (الخرطوم24) قائلا: “بالتأكيد قرار زيادة رسوم العبور يؤثر تاثيرا كبيرا جدا على النشاط الاقتصادي بالبلاد علما بأن الاقتصاد السوداني يعاني من حالة ركود ويعاني من تعقيدات كثيرة وقطاع النقل كذلك يعاني من إشكاليات كثيرة لذلك زيادة الرسوم بهذه النسبة يؤثر على قطاع النقل الذي يعتبر الركيزة الأساسية في الاقتصاد، ومعلوم أن قطاع النقل يدخل في كل القطاعات الاقتصادية المكونة للناقل المحلي سواء كان القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني أو القطاع الصناعي أو القطاع الخدمي وبالتالي سيتأثر بالتأكيد إذا ما فرضت هذه الرسوم المرتفعة، ورضخ القطاع لسدادها لأن وقتها سيضعها بالكامل على تكلفة ترحيل السلع، وبالتالي يرفع ترحيل أسعار السلع من بورتسودان لأسواق الاستهلالك او ترحيل سلع الصادر من مواقع الانتاج إلى ميناء بورتسودان وبالتالي سيؤثر سلبا وبصورة كبيرة جدا على المواطن متمثلا ارتفاع أسعار السلع ,, وأشار الناير الخبير الأقتصادي إلى إشكاليات كبيرة ستواجه قطاع النقل بسبب هذا القرار وقبله ارتفاع ضريبة أرباح الأعمال من 15%, إلى 30% وبالتالي سيواجه بمشكلتين، فضلا عن أن هذه الإيرادات التي زيدت لا تنعكس على الطرق الأساسية، ومما هو معروف أن الرسوم الخاصة بالعبور في كل دول العالم تقدر بصورة واقعية وعلمية وليس لها تأثير على هذا القطاع وتكون مرئية بالنسبة للطرق والكباري بصورة واضحة جدا، وبضيف الخبير قائلا: نعلم جميعا أن الرسوم المفروضة سابقا، حتى وإن كانت قليلة إلا أنها لم تنعكس في مجال الطرق والكباري من صيانتها وتطويرها، أو تشييد طرق جديدة بصورة اساسية.
ويرى خبراء اقتصاديون بأن القرار أمر في غاية الفوضى باعتباره قرارا غير مدروس بصورة جيدة ولايسهم في بناء دولة وأنما إقطاعية تضع قوانين وتفرض رسوم وتسحق المواطن من أجل الحفاظ على مصالح شخصية، باستحداث موارد إضافية لوزارة الطرق والجسور لتمد بها خزينتها، إذ أنه على الرغم من زيادة هذه الرسوم، فإن حالة الطرق عموماً رديئة بسبب عجز الوزارة المختصة عن صيانتها وتطويرها، نظراً لضعف إيراداتها وتسربها.
خاتمة:
يعكس قرار زيادة رسوم المعابر وقرار زيادة ضريبة الأرباح الصادر قبله، يعكسان فشل النظام القائم في وضع خطط تدعم الاقتصاد المنهار، وتوضح مدى قصر النظر فى بناء نظام اقتصادي متين، فالحل لديهم زيادة الرسوم و فرض مزيد من الجبايات يدفع ضريبتها المواطن، وتزيد من درجة معاناته، لذلك من المتوقع أن يحدث القرار فوضى جديدة ومزيدا من الإضرابات في قطاع النقل، فضلا عن تدهور قطاع النقل وإجبار شريحة كبيرة ممن يعملون به على اللجوء إلى بدائل آخرى للاستثمار، وفي الغالب ستكون خارج البلاد، إضافة إلى ذلك سيزيد من ارتفاع أسعار السلع التي يتم ترحيلها سواء المحلية او المستوردة، وتكون النتيجة زيادة معاناة المواطن الذي أصبح محاصرا بين جشع التجار وسياسات النظام القائم على رفع وتيرة معانانته بمزيد من الضرائب والجبايات والرسوم، الأمر الذي أرهق كاهله وأصبح يعاني العوز والفقر في بلد ارضه خصب وماءه عذب.
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس
