تدني قيمة الجنيه .. تداعيات كارثية !!

تدني قيمة الجنيه .. تداعيات كارثية !!


الخرطوم : هالة حافظ

هبوط غير مسبوق للعملة الوطنية تسببت في معاناة المواطنين في توفير أبسط مقومات الحياة المعيشية التي أصبحت قاسية وتشهد البلاد حالةً من الإنفلات الاقتصادي هذه الأيام  وهي حالة غير مسبوقة لم تحدث من قبل  شاهد السودانيين نموذجاً للإنفلات في أسعار الصرف، وأسعار السلع، كالذي يشاهدون الآن ، الأمر الذي دعا  الأمم المتحدة لإخراج تقرير يفيد بتوقعها  إنخفاض سعر صرف العملة الوطنية  وزيادة تكلفة الإيرادات، بسبب العجز في الميزان التجاري والنقص الحاد في إحتياطات النقد الأجنبي.
وفي الأول من مارس الجاري أعلن البنك المركزي عن بلوغ العجز التجاري في 2022م أكثر من (6.7) مليار دولار، وهو أعلى عجز سُجل خلال الـ (10) سنوات الأخيرة.
وسجل السودان أعلى عجز في الميزان التجاري في الفترة من 2012م إلى 2021م، في 2014م وبلغ (6) مليار و(340) مليون دولار، فيما سجل في 2021م عجزاً وصل إلى (4) مليار و(866) مليون دولار.
وفي تطور جديد شهد سعر الدولار إرتفاعاً جديداً، خلال الأيام الأخيرة، بعد فترة استقرار دامت  عام كامل وسط حالة ترقب شديدة من قبل المتعاملين
وتراجع الجنيه السوداني مجدداً بشكل كبير منذ بداية شهر يناير ، حيث سجل هبوطاً إضافياً أمام العملات الأخرى في السوق الموازية، فيما إرتفع سعر الصرف ببعض البنوك ، وصعد متوسط سعر الدولار إلى (603) جنيهات للشراء في السوق السوداء مقابل (605) جنيهات للبيع.

تقرير مسيس
أبدى الخبير المصرفي لؤي عبدالمنعم استغرابه من تقرير الأمم المتحدة الذي يشير إلى  توقعها لإنخفاض سعر صرف العملة السودانية وزيادة تكلفة الإيرادات، بسبب العجز في الميزان التجاري والنقص الحاد في إحتياطات النقد الأجنبي، وأكد لؤي  لـ (الخرطوم24) أن هذا  التصريح يتناقض مع التصريح الذي أخرجته في فترة لاتتجاوز الشهر ونصف بأن  وضع السودان الاقتصادي في حالة تحسن وذلك باستقرار سعر الصرف وتحسن وضع السيولة، لافتاً إلى أن الأمم المتحدة أصبحت تعبر عن أهداف استراتيجية لدول كبرى ، وتابع : لذلك لانأخذ تقارير الأمم المتحدة سواءً كانت إيجابي أو سلبية لجهة أننا نعلم أنها مسيسة حتى النخاع ، وقال إن مايهمنا الآن مؤشرات البنوك السودانية لجهة أنها تمثل عصب الاقتصاد السوداني، وحال لم تتراجع في سيولتها المتوفر داخل البنوك مرتفع وحجم النقد لدى الجمهور نسبته منخفضة عن حجم النقد لدى الجمهور مقارنةً بالعام الماضي وماقبلها فأن هناك مؤشرات معينة يتم بها القياس، وأكد لؤي  على تناقص العجز في الميزان التجاري مقارنةً بالايام الأولى لأيام الثورة ، وأوضح أن الوضع في الأيام الأولى للثورة كان هناك توقف في الإنتاج ولكن الآن الوضع لابأس به، وأردف زيادة الرسوم الجبائية أثرت تأثيراً سالباً على الاقتصاد خاصة رسوم الكهرباء والمياه وغيرها، إلى جانب عجز الحكومة عن شراء المحاصيل مما يؤدي إلى إفلاس المزارعين وبالتالي يحجموا عن العملية الزراعية في السنة التي تليها ، وجزم بأن هذه مشاكل يمكن التغلب علها ولكن لم نصل إلى المرحلة التي تتحدث عنها الأمم المتحدة ، وشدد على ضرورة الإعتماد على المؤشرات السودانية التي لم تتغير بيوم وليلة لجهة انه يتم تقييمها كل ثلاثة أشهر ، بيد أن آخر المؤشرات كانت إيجابية وليتم تقييم المؤشرات يجب أن لايتم تقييمها في فترة أقل من ثلاثة أشهر، وتوقع أن يتحسن الميزان التجاري خلال شهر يونيو أو سبتمبر ومن الصعب أن يتم إصدار حكم قاطع الميزان التجاري إلا في نهاية العام  ، وأوضح أن تقارير الأمم المتحدة في ظل حرب روسيا على أوكرانيا أصبحت مسيسة لجهة أن هناك صراعاً كبيراً على القارة  أفريقيا وروسيا تريد أن تسيطر على، تشاد ومن ثم أفريقيا الوسطى وعينها كذلك على السودان و الأمريكان يخشوا أن تتجه روسيا نحو إثيوبيا وإريتريا  وتكون قد زحفت روسيا في الشمال المتوسط وهذا الأمر هام بالنسبة للأمريكان وبالتالي فأن أي تقارب روسي  قبل الحكومة السودانية يترجمها الامريكان إلى زعزعة قبلية وتقارير اقتصادية سلبية لكي لايصلح أي دعم للسودان، مبيناً أنها جزء من الضغوط التي تعيشها الحكومة السودانية في ظل تعاملنا مع القطبين روسيا وأمريكا  في الساحة السياسية العالمية ، موضحاً أن أمريكا مهيمنة على المؤسسات الدولية وبالتالي فأن أي تقرير يصدر منها يكون لصالحها  ويعبر عن سياسته في المنطقة  ،  موضحاً أن التهريب للموارد يعتبر من أكبر المشاكل التي تؤدي إلى عجز الميزان التجاري بيد أن الدولة عاجزة عن تحصيل الإيرادات بسببه بيد أن التركيز الآن يصب في أخذ جبايات الطريق والكهرباء والمياه والوقود وهذه العناصر تعتبر عصب الاقتصاد، وعلى الدولة البحث في الطرق التي يتم بها التهريب ومحاولة حلها أو البحث في زيادة الإنتاج الزراعي وذلك بالدخول في شراكات ذكية مع المزارع ، وأضاف : نحتاج إلى عقول شابة  تشارك في إتخاذ القرار والتفكير خارج الصندوق ، وفي ظل غياب الحكومة يصعب تنفيذ هذا الأمر، ونجد ان اجتهادات المسؤولين في السلطة الحالية تعتبر إجتهادات محدودة لجهة أن الوضع الذي يعملوا فيه الآن يعتبر وضعاً صعباً خاصةً مع عدم وجود حكومة بالمعنى الحقيقي، مشيراً إلى أن الأزمة السياسية حال لم تحل فأن الوضع الحالي لن يستمر إلى الأمام .

ثبات نسبي :

وفي المقابل قال رئيس قسم الدراسات الإقتصادية بمركز الراصد الفاتح عثمان أن العام 2022م شهد إرتفاعاً كبيراً في حجم الاستيراد مع زيادة طفيفة في الصادرات لا تتفق وزيادة الاستيراد وفقاً لحجم التحويلات المالية بغرض الاستيراد لكن في حقيقة الأمر لا توجد زيادة في الاستيراد بل يوجد إلتزام بالتعامل عبر البنوك السودانية للتحويل للاستيراد وهو أمر لم يحدث منذ عام 2010م ولهذا لم يحدث أي إنخفاض لسعر الصرف للجنيه السوداني طيلة العام الماضي وأشار في حديثه لـ(الخرطوم24)  أن  الجنيه السوداني لازال  يتمتع بثبات نسبي بالرغم من إنخفاض سعر الصرف لـ (605)جنيهات مقابل الدولار هبوطاً من (585)جنياً للدولار وبما أن الحكومة لا زالت مصرة علي الإلتزام بسياساتها المالية النقدية الإنكماشية فمن المتوقع أن يحافظ سعر الصرف للجنيه السوداني على ثباته النسبي إذ أنه تم تصنيفه العام الماضي ضمن أفضل عملات العالم آداءً بحكم ثباته النسبي مقارنةً بغالب العملات الأجنبية.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الخرطوم24 على تطبيق واتساب



شارك هذه المقالة