الخرطوم : هالة حافظ
تعرض عدد كبير من تجار العملات الاجنبية بالسوق السوداء في الفترة الأخيرة إلى خسائر فادحة أدت إلى خروجهم من السوق والاتجاه إلى مهن أخرى تمثلت في العمل في مجال التعدين والعقارات و تجارة السيارات وغيرها، وذلك بسبب استقرار سعر الصرف وشلل حركتي البيع والشراء الذي إضطرهم للبيع بأقل الأسعار لتغطية احتياجاتهم اليومية بسبب زيادة العرض وقلة الطلب نتيجة توقف عملية الاستيراد بجانب توقف شراء الحكومة للعملات الاجنبية التي كانت تؤدي إلى انتعاش السوق ، وتوقع تجار انخفاض أسعار العملات الأجنبية خلال الايام القادمة حال تم تقديم دعم مالي للسودان خاصة بعد توقيع الاتفاق الاطاري بين المدنيين والعسكريين ، وأشاروا في حديثهم لـ (الخرطوم24) الى أن الأرباح في تجارة العملة أصبحت قليلة إذ أن العائد الربحي لمبلغ الف دولار لايتجاوز اثنين الف جنيه في حين أن الأسعار عند انتعاش السوق تصل إلى سبعة آلاف جنيه.
و كشفت متابعات (الخرطوم24) اليومية عن استمرار استقرار اسعار العملات الاجنبية خلال تداولات السوق السوداء، بيد ان الاسعار أصبحت ثابتة دون تغيير لأكثر من اسبوعين، وأوضح متعاملون لـ (الخرطوم24) امس ان سعر الدولار استقر عند ٥٧٨ للشراء و٥٨٠ جنيها للبيع فيما استقر سعر الجنيه الإسترليني عند ٦٧٠ جنيها للشراء و٦٧٥ جنيها للبيع بيد ان سعر الريال السعودي استقر عند ١٥٣ جنيها للشراء و١٥٤ جنيها للبيع حيث سجل سعر الجنيه المصري ٢٣ جنيها للشراء و٢٤ جنيها للبيع.
تضخم غير معلن
ويرى الخبير المصرفي لؤي عبدالمنعم أن سبب خروج التجار من السوق السوداء يعود الى انعدام الطلب على العملات الاجنبية والارتفاع المتواصل للأسعار بالرغم من ثبات سعر الصرف بسبب وجود تضخم غير معلن لجهة ان المعيار الذي يتم العمل به فيما يخص معرفة نسبة التضخم من قبل الجهاز المركزي للإحصاء وهو غير دقيق لجهة انه يركز على السلع دون الخدمات بجانب التركيز على عينة محدودة كماً ونوعاً من ناحية كمية وجغرافية وذلك بالاتصال بعدد معين من المحلات التجارية واخذ الأسعار منها اي انهم لايغطون كل مناطق السودان وعدد المحلات يكون قليلا، وتابع في حديثه لـ (الخرطوم24) : اذا أخذنا على سبيل المثال دولة مصر يقوم الجهاز المركزي الاتصال بأكثر من عشرة آلاف جهة تجارية وخدمية بغرض معرفة الأسعار وهذا مايوضح عدم دقة مؤشر قياس التضخم من قبل جهاز الإحصاء ، لافتا إلى تدني القيمة الشرائية الطبقات الوسطى التي أصبحت غير قادرة على مواكبة الأسعار لذلك تُركز هذه الطبقة على شراء الأساسيات وخفض الاستهلاك بقدر الإمكان بسبب ضيق فرص العمل وأصبحت لاتجد لنفسها مصدر رزق جديد مما أدى إلى خروج عدد كبير من رؤوس الأموال إلى خارج السودان وذلك على حساب خروج عدد كبير من المصانع من السوق لعدم مقدرته تحمل تكاليف الإنتاج المرتفعة بسبب زيادة رسوم الكهرباء والوقود والضرائب والجمارك واصبحت المصانع غير قادرة على مواكبة هذا الارتفاع وعندما يكون الطلب على بعض السلع كبيرا وعند عدم توفر السلع يقوم التجار برفع سعرها الذي يؤدي إلى حدوث كساد تضخمي لجهة ان المواطن يكون غير قادر على تناول السلع وتأتي بعد ذلك خسارة التجار فضلا عن انخفاض الاستيراد الذي أثر سلبا على إيرادات الدولة وأصبحت تسعى لمزيد من فرض الجبايات بغرض تعويض الفارق ، وصار الاقتصاد يدور في حلقة مفرغة من الانخفاض والتراجع ، واكد على أن المخرج من هذه الدائرة جلب استثمارات ضخمة لتحريك البنوك التي عجزت عن تقديم منتجات جديدة لاقناع التجار والمواطنين لادخار أموالهم والمحافظة عليها دون شراء الدولار بالرغم من أن هنالك استقرارا كبيرا في سعر الصرف وهذا أمر جيد الا ان كثيرا من التجار يحاولون المحافظة على أموالهم دولارات لعدم معرفتهم بوقت حدوث الانهيار واصبحوا مراقبين فقط لزيادة الأسعار مع علمهم المسبق بأن سبب تثبيت سعر الصرف قرار من قبل وزارة المالية بالتشاور مع بنك السودان المركزي ، وتوقع ارتفاع الطلب على الدولار في اي لحظة حال حدث عجز في سداد المرتبات مثلاً ، بجانب الاضطرابات السياسية التي تتمثل في عدم موافقة كثير من الأطراف على التسوية السياسية، إضافة إلى الاتجاه لإغلاق شرق السودان الذي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار في اي لحظة وزاد :هناك كثير من أصحاب رؤوس الأموال متخوفون الخسارة خاصة المديونين للبنوك غير مستعدين لأي خسائر لجهة انهم قد يدخلون السجون لذلك يحاولون المحافظة على رؤوس أموالهم بنقلها للخارج بغرض حان وقت السداد يستطيعون الهروب بأموالهم لجهة ان إغلاق الشرق يعني انهيار التجارة لفترة شهرين أو ثلاثة أشهر.
هروب رؤوس الأموال :
ويشير الخبير الاقتصادي محمد نور كركساوي إلى أن سياسة تحرير سعر الصرف لها الدور الأكبر في استقرار السوق السوداء وأبان في حديثه لـ (الخرطوم24) أن الركود التضخمي في الأسواق او انكماش الأسواق أدى إلى تقليص فرصة الطلب على الدولار بجانب هجرة رؤوس الأموال التي تؤثر سلبا على الحجم التجاري ككل ، منبهاً إلى هروب رؤوس الأموال خاصة إلى مصر وتركيا، بجانب عدم استقرار الوضع السياسي والدليل على ذلك عدم اجازة ميزانية ٢٠٢٣ وذلك لعدم وضوح مؤشراتها، وأضاف : حال جاءت حكومة رشيدة وعملت على فك حظر المساعدات الدولية ستعود رؤوس الأموال لإعادة فتح الأسواق.