البرهان يعيد إنتاج دولة الإخوان.. ومخطط لتحويل الجيش السوداني إلى حشد طائفي

البرهان يعيد إنتاج دولة الإخوان.. ومخطط لتحويل الجيش السوداني إلى حشد طائفي
البرهان يعيد إنتاج دولة الإخوان.. ومخطط لتحويل الجيش السوداني إلى حشد طائفي

ملامح تشكيل الحشد السوداني على خطى الحشد الشيعي في العراق تكشف عن تحوّل خطير في مسار الحرب العبثية التي يعيشها السودان اليوم، فعبد الفتاح البرهان وقادة الجيش السوداني يسيرون بخطى متسارعة لإعادة إنتاج دولة الإخوان المسلمين البائدة وتثبيت الفشل والعزلة من جديد.

فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي أظهر قوات الدعم السريع وهي تحمل بقايا طائرة إيرانية مسيّرة من طراز مهاجر 6، وما أثار الجدل لم يكن فقط الدعم الإيراني المباشر للجيش السوداني، بل نوعية وكمية الأسلحة والثمن السياسي والاستراتيجي الذي سيدفعه السودان مقابل هذا التحالف. تقارير دولية مثل تقرير وكالة بلومبرغ أوضحت أنّ إيران تورّد أسلحة وطائرات مسيّرة إلى الجيش السوداني، ما يعني أنّ المشهد تجاوز الحرب الأهلية الداخلية إلى مشروع توسعي إقليمي لفرض النفوذ الإيراني عبر البحر الأحمر.

السودان الذي عانى طويلاً من الأجندات الخارجية يجد نفسه اليوم رهينة لعبة إيرانية جديدة، خصوصاً مع إعادة البرهان للعلاقات الدبلوماسية مع طهران وفتح الباب واسعاً أمام خبراء ومسؤولين أمنيين إيرانيين. وفي الوقت نفسه عاد نفوذ قيادات تنظيم الإخوان المسلمين من النظام البائد ليشكّل الجسر الذي عبرت منه إيران إلى قلب السودان، لتتغلغل في مؤسسات الدولة الهشّة الخاضعة للحرب والفوضى.

الأسلحة الإيرانية لم تغيّر فقط مسار العمليات العسكرية، بل غيّرت تكتيك الجيش السوداني من الدفاع إلى الهجوم، مما أعطى زخماً جديداً للبرهان ولمن معه من بقايا حزب المؤتمر الوطني المنحل، الذين أحكموا قبضتهم مجدداً على مفاصل الدولة بحجة دعم الحرب، بينما الهدف الحقيقي هو إعادة تمكين تنظيم الإخوان المسلمين.

الأخطر من ذلك هو سعي البرهان ورفاقه من الإسلاميين المتطرفين لتحويل الجيش السوداني إلى ميليشيا طائفية شبيهة للحشد الشيعي في العراق، وهو مسار إذا اكتمل فإنه سيحوّل السودان إلى بؤرة للإرهاب ويستدعي تدخلاً دولياً مباشراً من قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي. فالسياسة الدولية لا تسمح بقيام كيان طائفي مسلّح بهذا الشكل على ضفاف البحر الأحمر، وستكون النتيجة حتمية: مواجهة عنيفة وعزلة دولية جديدة للسودان.

إنّ السودان اليوم لا يحتاج إلى المزيد من الطائرات المسيّرة ولا إلى الدعم العسكري الإيراني ولا إلى إعادة تدوير وجوه الماضي من تنظيم الإخوان المسلمين، بل يحتاج إلى مشروع وطني حقيقي يقوم على المصالحة السياسية ووقف الحرب فوراً. بناء الدولة لا يكون عبر التحالفات الظرفية ولا عبر تحويل الجيش إلى ميليشيا طائفية، وإنما عبر الاعتراف بالتنوع السوداني، ووضع الشعب ومعاناته في قلب الأولويات. دون ذلك سيبقى السودان غارقاً في دوامة الفوضى، منسياً في نظر العالم، محكوماً بمصالح الغرباء، وتحت رحمة قادة لا يرون في البلاد سوى ساحة صراع ووسيلة للبقاء في السلطة

شارك هذه المقالة