الخرطوم : نجلاء عباس
تمر البلاد بأزمة سياسية متعددة الأوجه، أثرت بشكل مباشر في الوضع الاقتصادي في البلاد، وعزلته عن المجتمع الدولي ومساعداته، في وقت تحاول الحكومة اللجوء إلى الموارد الذاتية، والدفع بإجراءات مصممة لزيادة الإيرادات، وهو ما سبق و حذر منه محللون معتبرين أن معالجة الأزمة السياسية أساس الانطلاق نحو الحل الاقتصادي والخروج من هذه الازمة.
زيادة الضرائب :
في وقت جدد وزير المالية جبريل إبراهيم اهتمام الحكومة بمواصلة جهودها في الإصلاح الاقتصادي مع الالتزام بتوجيه 40% من الإنفاق الحكومي لدعم قطاعات الصحة والتعليم وتوفير مياه الشرب النقية كأولوية لمعالجة وتخفيف آثار الإصلاح على المواطن وكشف الوزير عن عدم وجود اتجاه لزيادة الضرائب والاكتفاء بالتوسع الأفقي وتوسيع المظلة الضريبية للوصول إلى مكلفين جدد لزيادة حصائل الضرائب وتوظيفها لخدمات المواطن الأساسية ؛ مبيناً أن هنالك خطة واضحة لجذب المزيد من الاستثمارات للقطاعات الإنتاجية وبناء شراكات استثمارية لتحقيق قيمة مضافة للإنتاج الزراعي والتعديني بالتصنيع في مجاليهما بجانب الاهتمام بتوفير مدخلات الانتاج الزراعي .
محاولات سابقة :
ولم تكن هذه المره الاولى التي تنادي فيها الحكومات الاقتصادية بايجاد مخارج اقتصادية والبحث عن خطط لتحقيق الاصلاح الاقتصادي ويرى مراقبون اقتصاديون ان الإجراءات الاقتصادية تأتي ضمن مسار طويل ومعقد من محاولات الإصلاح الاقتصادي، وإنهاء العزلة، بدأ منذ إسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير في 2019. وعقب سقوط البشير، وقتها حقَّقت حكومة الشركاء في السودان بمكونيها المدني والعسكري، وبرئاسة عبد الله حمدوك، تقدماً في الإصلاح الاقتصادي، إذْ وافق صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في 29 يونيو 2021، على تأهل الخرطوم للحصول على تخفيف لأعباء الديون من خلال المبادرة المعززة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون “هيبك”.
فصول مهملة :
و يقول العميد السابق لكلية التجارة جامعة النيلين بروف كمال احمد يوسف (للإنتباهة ) انه للاسف الشديد عندنا في السودان عندما تعرض الموارنة يتم التركيز على المصروفات وكان من المفترض التركيز على شرح الايرادات وكيفية الحصول عليها. ووقال انه حتى بنود المصروفات يتم التركيز على التعليم والصحة متناسين البنود الاخرى والفصول الاخرى وخاصة الفصل الثالث وهو فصل التنمية وهو في نظري اهم فصل لانه يعني المستقبل وهو الذي يحدث تنمية اقتصادية مستقبلية ويحقق الاصلاح الاقتصادي كما انه بمكن ان يزيد من الايرادات ويقلل النفقات مثل انشاء مصانع للادوية يمكن تصديرها وبالمقابل تخفيض الانفاق على الادوية والامثلة كثيرة. واضاف كنت اتوقع الاسهاب في شرح الايرادات والتنوع فيها. وكنت اتوقع ذكر المشاكل التي تواجه تطبيق الموازنة بكل شفافية وماهو المطلوب من الجميع لمجابهة هذه المشاكل. وقال علي العموم هي موازنة عادية لا جديد فيها وسوف تواجه عقبات كثيرة واضرابات واعتصامات وسوف يتم التدخل فيها في مرات عديدة من اجل المعالجات. وقال ان الموازنة التي تم اجازتها حاليا لا اتوقع منها احداث تنمية اقتصادية او اي اصلاح او حتى تخفف المعاناة عن المواطن.
طفح الكيل
فيما يضيف بروف كمال قائلا انه في رأيي كان يجب تشجيع القطاعين العام والخاص في الاستثمار فنجاح شركات الجيش خير دليل على سلامة التجربة وللأسف الفاشلون يحاولون هدمها.
وقال في رأيي الشخصي يجب تشجيع الجامعات مثلا على انشاء شركات كل كلية حسب تخصصها وتشجيع القطاع الخاص في انشاء المصانع للاستفادة من الموارد الطبيعية التي تذهب الى دول الجوار ويتم تصنيعها او تعبئتها وتصدر لدول أخرى وللاسف شكل الفساد المالي منذ الانقاذ الي يومنا هذا ركنا مهما في تعطيل انشاء المصانع بفرض الرسوم والجبايات والاسوأ من ذلك البيع للاجانب بالجنيه السوداني. وكل ذلك لاغتناء افراد على حساب الاقتصاد السوداني. ويتم كل ذلك تحت سمع وبصر المراجع العام وديوانه والمراجعة الداخلية وديوانها.وهيئة الجماوك. الكل مشترك في هذا الفساد. وهذا سبب تأخرنا وتخلفنا بالرغم من اننا من اغنى دول العالم. مشيرا الى ضرورة تشجيع القطاعين العام والخاص في الاستثمار فنجاح شركات الجيش خير دليل على سلامة التجربة وقال للأسف الفاشلون يحاولون هدمها.
وقال يجب ان نسأل انفسنا لماذا تتكالب علينا الدول لاجراء التسوية السياسية مؤكدا ان دول الخارج يريدون مواردنا ليس إلا.
أمراض اقتصادية
كما يرى الخبير الاقتصادي د. وائل فهمي ان الاصلاح الاقتصادي بطبيعته عملية تنموية مستمرة في حد ذاتها. فالتطور والنضج الفكري الاقتصادي الايجابي يؤدي تلقائيا الى تحسين الاداء العام لنظام الدولة في مواجهة كافة الصدمات والمخاطر والتقلبات المحلية والاقليمية والعالمية (المتوقعة وغير المتوقعة). وقال فهمي ( للإنتباهة) انه لسوء حظ السودان قيادته منذ السبعينيات وحتى تاريخه لجأوا الى مؤسسات التمويل الدولية لمعالجة ازمات تراكمات متأخرات الديون الخارجية في مواجهة صدمات الحروب الاقليمية وارتفاعات اسعار الواردات الاستراتيجية. واضاف تعتبر برامج الاصلاح الاقتصادي لهذه المؤسسات التمويلية هو ارتكازها على معالجات تستند الى اسس ايديولوجية متطرفة ومتشددة، وليس على اسس موضوعية عمليا منذ منظور طبيعة الاقتصادي وتطوره التكنولوجي، بما ينتهي بها الى هزيمة اهدافها التي تحددها بنفسها والتي تشترطها بنفسها وفرضها على حكومات الدول للالتزام بها بما يؤدي الى تدمير الاقتصاد وتدمير المستويات المعيشية للغالبية العظمى من مواطني الدولة، والتي تشترط لهم ثبات امان اجتماعي لصيانة حد ادنى لمعيشتهم، الى جانب تفاقم متأخرات سداد الديون الخارجية وزيادة تلك الديون التي تريد وصفات برامج الاصلاح معالجتها، وتنتهي بعد ذلك الى الفشل، كما شهدها الشعب السوداني، الى اعفائها بعد ارهاق لا معنى له اقتصاديا للمواطنين، غير ضياع عقود من الاستقرار الاقتصادي والسياسي والتنمية الممكنة وارجع سبب الفشل اساسا الى انها تضخمية بطبيعتها الذي ينتهي بالركود والبطالة والفقر المتزايد وتوقف المشاريع وهروب رؤوس الاموال والقوى العاملة الماهرة وتوقف التدفقات الايجابية لرؤوس الاموال الى الداخل، في حصار دولي مالي خانق، وهي امراض اقتصادية، كما هو معروف بالمجال الاقتصادي، لتدمير القواعد الانتاجية، بل يهزم حتى الجيوش في حروبها ايضا، كما تشهد بها دول عديدة.
وقال ان برامج الاصلاح الاقتصادي السودانية البديلة، في اطار الحصار المالي الدولي المتفق على فكه الى جانب الحصول على اعفاءات الديون (كما في البرنامج الاسعافي مثلا) موجودة ببرامج اللجنة الاقتصادية لقحت الاولى والسياسات البديلة وبرنامج التحالف الاقتصادي ولجان المقاومة. وتتميز هذه البرامج بانها تطالب، كما مؤسسات التمويل الدولية، باصلاحات اقتصادية لاتضخمية توسعية قادرة على رفع المستويات المعيشية مع معالجة اختلال توازن المدفوعات الدولية بين الدولة وشركائها التجاريين.
واشار الى انه تمت الموافقة على ادخال برنامج تلك المؤسسات التمويلية الدولية لتحقيق الضمانات التي تشترطها بتضمينها في اطار برنامج سيادي لا تضخمي للدولة، اي بالتغلب على تفادي الاقتصادي منه ومن الامراض التي تترتب عليه ، بحيث يضمن عدم توقف التنمية وتدهور المستويات المعيشية للمواطنين الذي تشترط مؤسسات بربتون و برامج شبكات الامان الاجتماعي لما تم تصنيفهم بالضعفاء اقتصاديا بدلا من الاستفادة منهم في زيادة الانتاج القومي لمضاعفة الانتاج الكلي الذي يشهد الانكماش حاليا بالاقتصاد السوداني.
أزمة اقتصادية
ويقول المحلل الاقتصادي د. الفاتح عثمان (للإنتباهة) تقوم الاقتصادات الناهضة على التصدير والاستثمار في التعليم الحديث خاصة في التقانات الحديثة وتدريب العاملين وزيادة مهاراتهم وتحسين البنية التحتية باستمرار مع تبني صناعة السياحة بربطها مع شركات السياحة العالمية والتشارك معها في ادارة المناطق السياحية وفي الترويج لها.
واضاف ان الدولة السودانية تعاني من ترهل كبير في الخدمتين المدنية والعسكرية ومن الطريقة المعكوسة التي تعمل بها منظومة الدولة تجاه الاستثمار والانتاج والصادر وفي عدم مواكبة التعليم لمتغيرات سوق العمل في الاقليم والعالم وفي غياب دعم الدولة عن قطاعات الانتاج المختلفة . كما تعاني الدولة السودانية من ازمة الديون الخارجية التي تحول دون الاندماج الطبيعي مع الاقتصاد العالمي وايضا ضعف النظام المصرفي السوداني وضعف خدمات الدولة من تعليم وصحة ونظافة وصرف صحي وهو امر ترتب عليه تدني جودة المعيشة في السودان وهو ما دفع بملايين المواطنين السودانيين للانتقال لدول اخرى مثل مصر بحثا عن جودة افضل للخدمات وهو امر انهك الاقتصاد السوداني اذ ترتب عليه فقدان مليارات الدولارات التي كان يفترض ان تحول للسودان ولكنها تحولت الى دول اخرى .
واشار الى ضرورة ان تهتم اي خطة اصلاح اقتصادية بالاقتصاد الكلي وتعمل على حل ازمة الديون الخارجية وقال للاسف هو امر يمر بحزمة شروط صندوق النقد الدولي وبعدها يجب الاهتمام بالانتاج وبالموانئ والطرق والسكك الحديدية وزيادة مهارات الشباب السوداني المتجه للخارج بجعل التدريب التقني شرطا للحصول على تأشيرة الخروج .
واضاف الفاتح يمكن للدولة السودانية بالتركيز على الثروة الحيوانية والزراعة الخروج من حالة الازمة .
ويمكن بالتركيز علي قطاعي البترول والغاز الطبيعي والكهرباء تدشين نهضة صناعية وزراعية .
و قال اعتقد ان على الحكومة تجميع مواردها لصالح مشروع واحد فعال مثل البترول والغاز الطبيعي لانتاج الكهرباء والسماد وبعدها يتم التوسع في الزراعة والثروة الحيوانية للصادر . لكن على المدى البعيد كما يجب التركيز على الاستثمار في التعليم المتقدم في مجالات التقانة المتطورة مهما كانت التكلفة باعتباره هو المستقبل الحقيقي للاقتصاد العالمي .