حوار: هنادي النور
وصف الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل السوداني الصادق سوار الذهب الوضع الاقتصادي بأنه مأزوم وسيئ للغاية لاسباب متعددة، ونبه الى ان اشكالات القطاع الصناعي متجذرة ومتعاقبة لفترة طويلة بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة وكثرة الرسوم والجبايات. وقال ان تكلفة النقل زادت العبء على المواطن، وللأسف المستهلك يدفع هذه الفاتورة، ودعا الدولة الى أن تخفف عن المواطن بسياسات وإجراءات منها الضرائب والجبايات المختلفة.
وقال الصادق في هذا الحوار مع (الخرطوم24) إن الضرائب المتعددة أرهقت المواطن، وقطع بان ارتفاع الدولار الجمركي فوق طاقة ومقدرة المواطن في ظل راتبه الضعيف، مضيفاً انه بسبب الزيادات المتكررة تسببت في احجام كثير من القطاعات عن البيع والشراء والاستيراد والتصدير والواردات ضعيفة، وذلك لعدم استقرار الاوضاع الاقتصادية بالبلاد التي ألقت بظلال قاتمة على معظم التجار والمصنعين ورؤوس الاموال في البلاد.. فإلى مضابط الحوار:
* حدثنا عن أهداف اتحاد أصحاب العمل السوداني؟
ــ اتحاد عام اصحاب العمل اتحاد مهني قومي، ويمثل مظلة للقطاع الخاص الوطني في مختلف قطاعاته التجارية والصناعية والزراعية والانتاج الحيواني والنقل والصناعات الصغيرة، بجانب الاتحادات الولائية لأصحاب العمل، وهذا يعني أن كل صاحب وصاحبة عمل في كافة الأعمال الخاصة عضو في الاتحاد وتحت مظلته. ويعمل الاتحاد على تبني كافة قضايا اصحاب العمل والاهتمام بمشكلاتهم بالتنسيق والتعاون والتشاور مع الأجهزة الرسمية ذات الصلة بالدولة. ويعمل الاتحاد على تعزيز وتفعيل دور الدبلوماسية الشعبية في المجال الاقتصادي وتعزيز علاقاته مع قطاعات الاعمال بمختلف الدول العالم بما يعزز علاقات السودان اقتصادياً خارجياً، وجذب رؤوس الاموال والمستثمرين للسودان، كما ظل الاتحاد يعمل على المساهمة الفاعلة في خلق فرص العمل وتشغيل العمالة وتحقيق الاستقرار للمجتمعات المختلفة عبر مساهمته في قضايا المسؤولية المجتمعية، كما ظل الاتحاد يولى كثيراً من الاهتمام بمشروعات ريادة الأعمال لشباب وسيدات الاعمال. ومن أهم الأهداف الآنية التي يعمل عليها الاتحاد الآن التفكير الجاد في قيادة عملية عقد الجمعيات العمومية لكل الاتحادات القطاعية لتقود عملية انتخابية حرة ونزيهة لقيادة العمل بها دعماً للاقتصاد الوطني.
* ماذا يحتاج القطاع الخاص لتحقيق التطور؟
ــ تحقيق غاية التطور للقطاع الخاص أمر يستلزم المواكبة والاستفادة من التجارب السابقة وتجارب الآخرين وإعمال العلم والمعرفة والقدرة على التخطيط السليم للاستراتيجيات قصيرة وطويلة الأمد، والسعي الجاد للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في مجال الأعمال، مع ضرورة وجود البيئة الملائمة والمناسبة للقطاع الخاص لإحداث التطور المطلوب.
* كيف تقيم سياسة التحرير الاقتصادي التي تتبناها الدولة؟
ــ اعتقد ان سياسة التحرير سياسة دولة، وهنا لا بد للدولة من تحرير المسألة بالكامل، وان تخرج الدولة تماماً من كل الانشطة الاقتصادية، وان تعمل على معالجات بخفض الفئات الضريبية المختلفة، والتوجه نحو زيادة ورفع مرتبات وأجور العاملين بالدولة حتى لا يضطروا للعيش على أموال الدولة والمواطن، وأن تعمل الدولة جادة لإعفاء السلع الاستراتيجية من الزيوت والقمح والسكر وغيرها من قوت الشعب من كافة الرسوم الجمركية والضريبة والجبايات المختلفة.
* حدثنا عن الوضع الاقتصادي الراهن والتحديات التي تواجه البلاد؟
ــ الوضع الاقتصادي مأزوم وسيئ للغاية، ونتمنى ان يبحث الجميع عن المخارج المطلوبة، وهذا الوضع الماثل الذي وصلت إليه البلاد اقتصادياً جاء بسبب تراكمات مختلفة تضاف اليها تداعيات وباء (كوفيد ــ 19) والركود العالمي الذي أصاب أسواق العالم، وتأثر سلاسل النقل وبطء حركة التجارة وكساد السلع، الأمر الذي أثر في دورات الانتاج والركود العام في مجالات السياحة والطيران وفي النقل الداخلي لكل دولة، إضافة الى الاستهلاك من المواد الغذائية وغيرها، وزاد تفاقم الاوضاع الحرب الاوكرانية الروسية، وهاتان الدولتان تعتبران من الدول الكبرى المنتجة للغلال بجانب الغاز والطاقة، ولذلك كان التأثير في كل دول العالم التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار العالمية وارتفاع تكلفة الطاقة، واعتقد أننا أحسن حالاً خاصة بالمقارنة مع الدول الاوروبية.
* ما هي جهودكم في ما يتعلق بمشكلات القطاع الصناعي؟
ــ القطاع الصناعي لديه مشكلات متجذرة متعاقبة لفترات طويلة، اهمها السياسات المرتبطة بالقطاع، وهنالك قضايا ومشكلات توالي ارتفاع تكلفة الطاقة وكثرة الرسوم والجبايات وضريبة الإنتاج، وبالرغم من أن الصناعة بدأت في فترة ما تنتعش قليلاً الا ان تحريك الدولار الجمركي ادى بصورة مباشرة الى تأثيرات سالبة في العملية الانتاجية بارتفاع قيمة استيراد المواد الخام والعديد من المنتجات الصناعية، بالاضافة الى الارتفاع الكبير في تكلفة النقل مما زاد العبء على المواطن المستهلك، وهو للأسف من يدفع هذه الفاتورة وهي فوق طاقته، واتمنى من الدولة ان تخفف عنه بسياسات وإجراءات منها خفض الضرائب والجبايات المختلفة.
* حدثنا عن لقائكم بوزير المالية؟
ــ في الحقيقة اننا التقينا باللجنة الاقتصادية برئاسة وزير المالية، وخلال لقاء سابق له باتحاد أصحاب العمل قدمنا له شكوى عن مشكلات وقضايا القطاع الخاص واشتكى هو عن حاله.
* ماذا عن الضرائب والرسوم المحلية المتعددة؟
ــ في الحقيقة الضرائب والرسوم المتعددة على القطاع الخاص أرهقت المواطن كثيراً وادت الى خروج الكثيرين من قطاع الأعمال، فقد اصبحت الجباية حدث ولا حرج. واشير هنا الى انه خلال الايام المقبلة ستكون هناك ورشة عمل لمناقشة هذا الأمر وتقديم اطروحات ورؤى جديدة، وادعو من هنا ديوان الضرائب الى السعي الجاد لتوسيع المظلة الضريبية وعدم التركيز فقط على من هم موجودون تحت المظلة الحالية، ونطالب بأن تتم مراجعة القوانين الجبائية كما يجب احترام اللوائح والقوانين المنظمة لذلك، وأن تسود الشفافية في ذلك خاصة في الجباية بالنسبة للمحليات.
* ارتفاع الاسعار اصبح يشكل هاجساً للمواطن؟
ــ الارتفاع الكبير في الأسعار نتاج للكثير من الأشياء، منها ارتفاع سعر الدولار والدولار الجمركي الخاص بالبضائع المستوردة، ولذلك هذه الأسعار فوق طاقة ومقدرة المواطن في ظل راتبه الضعيف جداً الذي لا يكفيه بضعة أيام، لذا يجب على الدولة بعد ان حررت الدولار الجمركي ان تعمل على مراجعة وخفض الفئات الجمركية للتخفيف على المواطن عوضاً عن مضاعفتها والاستمرار في الجباية وجمع مبالغ كبيرة لتغطية العجز، وزيادة الفئات الجمركية أدت إلى نتائج عكسية، حيث كانت وزارة المالية تعتمد عليها لاستقطاب أموال اضافية، وما حدث انه ادى الى خفض النسبة، وذلك بسبب إحجام كثير من القطاعات عن البيع والشراء والاستيراد والتصدير، وبالتالي فإن الاستيراد يكاد يكون ضعيفاً جداً، وايضا الواردات ضعيفة، وذلك بسبب الاشكالات التي تحدث يومياً ومازالت متفاقمة. وهذا سببه عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وألقى ذلك الوضع بظلال قاتمة على معظم التجار والمصنعين ورؤوس الأموال في البلاد، وللأسف الشديد هذه الأموال بدأت في الهجرة للخارج ودول الجوار والدول الافريقية والخليج، ولذلك يجب ان نتعقل قليلاً وان نضع ايدينا فوق بعضها لتفادي الآثار السلبية لذلك، ولا بد للدولة من وضع خطة استراتيجية بمشاركة ومساعدة القطاع الخاص بهدف المحافظة على رجال الأعمال ومنع هجرتهم للخارج، وهو امر يعتبر خسارة للبلاد وكل فرد بها، ولذلك يجب ان يحرص الجميع على المحافظة على رجال المال والأعمال ووجودهم في البلاد.
* ماذا عن تذبذب سعر العملات الاجنبية خاصة الدولار؟
ــ اعتقد ان قضية تذبذب سعر العملات أمر ذو ارتباط وثيق بالاقتصاد، ولذلك لا بد من تبني سياسات صادر واضحة تعمل على تشجيعه وزيادة حجمه لينعكس على اسعار العملات، كما أنه لا بد من وضع قوانين وإجراءات صارمة للصادر تسهم وتساعد في تحسينه وإعادة حصائله من العملات الأجنبية، كما يجب ان تكون تلك القوانين والإجراءات محمية من قبل الدولة وتطبق على الجميع، وهو الأمر الذي يجب ان ينطبق على صادر الذهب وربطة بالبورصة، وكل تلك السياسات والقوانين المحمية للصادر يمكن ان تساعد في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وبالتالي استقرار سعر الصرف. ومن هنا ادعو الجميع للتعامل باخلاق ووطنية وأن نضع مصلحة بلادنا اولاً، وادعو الدولة للعمل من أجل تهيئة البيئة الملائمة لتشجيع وتطوير وزيادة الصادرات، وأن يحرص المصدرون انطلاقاً من وطنيتهم على اعادة حصائل الصادر طالما توفرت البيئة الملائمة، واشير هنا الى ان البنوك مساهمة بشكل أو بآخر في قضية حصائل الصادر، اذ ان بعضها لا يتعامل بصورة حاسمة مع المصدرين والبعض الآخر منها لا يضبط اجراءاته، وبالتالي يساعد في تهريب حصائل الصادر.