احتل المرتبة الثانية عالمياً بحسب تقرير دولي استقرار (الجنيه)… مؤشرات ونظريات

احتل المرتبة الثانية عالمياً بحسب تقرير دولي استقرار (الجنيه)... مؤشرات ونظريات




 تقرير: نجلاء عباس
في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون تعسر الحياة وغلاء الاسعار وفقدان العملة المحلية قيمتها امام العملات الاجنبية، تخرج تقارير عالمية تبشر بالثبات وتحقيق مراتب اولية في العالم للعملة المحلية، ليتساءل عدد كبير من المواطنين وخبراء الاقتصاد كيف حدث هذا؟ واستند على اي شئ؟ فالحال يغني عن السؤال، ونجد ان التجار بمختلف اسواقهم ان كان (مواد بناء، سلع استهلاكية، ذهب وغيره الكثير من المجالات) يعانون ضعف القوة الشرائية وركود حاد في الطلب، وسبق أن صدرت شكاوى من قبل التجار ودخولهم في خسائر فادحة، فهل استصحب تقرير هانك هذه الشكاوى ولمس الاوضاع الحقيقية على ارض الواقع؟
بشريات ولكن
اظهر تقرير صادر من هانك الدولي التابع لجامعة هوبكينز ثبات العملة الوطنية واحتلالها المرتبة الثانية عالمياً وفقاً للمؤشر، وان الجنيه السوداني ثاني أفضل عملة عالمية حافظ على استقراره (بتآكل قليل) بعد الروبية الباكستانية مقابل الدولار الاميركي منذ الاول من يناير 2022م. وسجلت العملة السودانية انخفاضاً بنسبة 22.07% مقارنة بـ 17 عملة أخرى، مما جعل المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة، مبارك عبد الرحمن أردول، يحتفى بهذا التقرير ويبشر في تدوينة على صفحته على منصة فيسبوك بتجاوز تلك القائمة نهائياً في العام القادم بأقل جهود.
معادلات نظرية فقط
وفيما يعلق الخبير الاقتصادي د. وائل فهمي بأن تقرير وحسابات هانك الدولي التابع لجامعة هوبكينز وما تضمنه من استقرار وثبات للجنيه السوداني خرج وفقاً لمؤشرات نظرية لا علاقة لها بالواقع المعاش والمواطن المطحون بغلاء الاسعار وشكاوى التجار من ضعف القوة الشرائية والركود الحاد، وتساءل قائلاً: (اية معلومات هذه التي استند اليها هانك؟) وقال فهمي ساخراً: (لنقدم له دعوه لزيارة البلاد لمدة اسبوع على الاقل، فهل سيكون هذا هو تقريره ايضاً؟)، واشار فهمي في حديثه لـ (الخرطوم24) الى ان البلاد تعاني من تدهور وتآكل لقيمة العملة الوطنية، بجانب ضعف القوة الشرائية ومعدل التضخم الذي يشير ظاهره الى انخفاض وباطنه الى الارتفاع، ومع ذلك مازال متخطياً نسبة ١٠٧%. ولفت الى ان مقارنة قيمة العملة الوطنية بالدولار تشير الى فارق ٥٧٠ جنيهاً، وهو فارق بعيد للغاية ولا يبشر بتقدم، وقال: (بالرغم من السياسات المتبعة من قبل وزارة المالية باجراءات الضغط النقدي وبنك السودان المركزي الذي لا يسمح للبنوك بتمويل العقارات والسيارات، مع ذلك حدثت في الفترة الاخيرة هجمة شرائية على العقارات تعني فئات معينة لديهم اموال). واضاف قائلاً: (اذا نظرنا الى سوق المستهلك نجد زيادة أسعار في كل المنتجات على مستوى السلع الاستهلاكية والاستراتيجية، فاين هذا الثبات والاستقرار؟)، مؤكداً ان تقرير هانك نظري ومعادلاته بعيدة عن ارض الواقع وغير ملموسة للمواطن.
هروب رؤوس الأموال
فيما يقول الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير د. محمد نور كركساوي لـ (الخرطوم24): (ان ما يدور حول استقرار وثبات العملة المحلية، واعنى الجنيه السودانى أمام العملات الأجنبية خاصة الدولار الأمريكي فى هذه الأيام، يعود سببه إلى ميكانيكية العرض والطلب، فالطلب على الدولار ضعيف هذه الأيام بسبب الركود التضخمى الذى اصاب الأسواق نتيجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات بصورة مذهلة افقرت معظم طبقات المجتمع وأغلقت كثيراً من المحلات التجارية، وادت الى هروب كثير من رؤوس الأموال إلى خارج البلاد، بل وقد هاجرت كثير من الأسر والعائلات إلى مصر وغيرها من الدول بالملايين)، مشيراً الى ان كل ذلك يرجع إلى سياسة الدولة فى تحرير الاقتصاد، وقال: (نتيجة لهذه الإصلاحات تم رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية لأكثر من عامين، واستمرت الإصلاحات حتى قبل أسبوعين، وقد كان آخرها تحرير سعر الدواء بما فى ذلك الأدوية المنقذة للحياة). ولفت الى ان احتفاء المهندس أردول لن يدوم طويلاً مادام الوضع السياسى غير مستقر وسيستمر هكذا لحين رفع الحظر أو التجميد الدولى فى ظل حكومة مدنية ترتضيها غالبية الشعب السودانى، لتعود العلاقات الخارجية وتعود معها المنح القروض والاستثمار المجزى المباشر غير المكلف.
ضعف القوة الشرائية
اما العميد الأسبق لكلية الاقتصاد بجامعة النيلين بروف كمال احمد يوسف فيقول لـ (الخرطوم24): (نعم هناك علاقة بين الاستقرار الاقتصادي وثبات التغير في سعر الصرف، لكن سعر الجنيه السوداني مقابل العملة الصعبة غير حقيقي، فهذا السعر تم تحديده بواسطة البنك المركزي من خلال تسميته بالسعر التأشيري الى ان اصبح سعراً موازياً)، مشيراً الى انه لم يتم تحديد سعر الصرف وفق الانتاج او الانتاجية او حدوث نمو حقيقي في الاقتصاد السوداني. وقال: (ان هذا الثبات ناتج عن رفع الدعم عن السلع الضرورية كالمحروقات والدقيق، وكذلك ضعف القوة الشرائية للمستهلك المحلي).
من الحبة قبة
فيما ارجع الخبير المصرفي د. لؤي عبد المنعم استقرار وثبات العملة الوطنية الى الخطوات التي اتبعتها بعض الدول للاستفادة من السودان واستغلال موارده، وقال لؤي لـ (الخرطوم24): (ان البلاد تمر بمرحلة انشاء مشروعات عالمية بينها مشروع السكة حديد القاري الذي يربط السودان بعدة دول منها دول غرب افريقيا المنتفعة منه وهذا المشروع بقيمة ١٥ مليار دولار)، مشيراً الى ان السودان سيصبح بوابة الغرب والشرق لافريقيا، ولفت الى ان دول الغرب وامريكا والصين تبحث عن بديل لروسيا التي تنتج وتتحكم في السلع الاستراتيجية، وقال: (بعد الحرب الروسية الاوكرانية كان لا بد لتك الدول ان تتوجه الى دولة اخرى ليقع الاختيار على السودان وتستغل موارده، ويصبح هو البديل الامثل)، واضاف عبد المنعم ان هذه الخطوة لا يمكن ان تنفذ الا بتقارير ايجابية عن الدولة، فتقرير ثبات العملة وانخفاض معدلات التضخم التي لم تخرج عن الدراسة الدقيقة واكتفاء الجهاز المركزي للاحصاء بعينة محددة من السلع ليكتب تقرير الانخفاض، فكل هذه خطوات تشجيعية لبداية مشروعات استثمارية اجنبية، ويمكن ان تساعد تلك الدول على نشر مثل هذه التقارير، وقال: (فهي بيدها ان تعمل من الفسيخ شربات ومن الحبة قبة وكل حدث له مصلحته)، واضاف ان مصلحة الدول في دعم اقتصاد السودان وتحقيق استقرار لسعر الصرف حتى تحقق غايتها ومشروعاتها باستغلال موارد السودان. وتابع قائلاً: (من المؤسف ان المواطن السوداني لم يلمس من ايجابية هذه التقارير شيئاً، بل مازال يعاني الامرين، ولكن علينا بالصبر الى حين العبور باقتصاد البلاد واعادة الاعمار).

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الخرطوم24 على تطبيق واتساب



شارك هذه المقالة